...
قلت في مقال كنت قد كتبته الاسبوع الماضي في جريدة (الشبيبة) العمانية :إن حساسية اللحظة الراهنة تقتضي من اليمنيين أن يتوقفوا عن العبث بمستقبل وطنهم وان يمعنوا النظر كثيرا فيما يحدث اليوم في سوريا والعراق وليبيا ليتسنى لهم الاتعاظ من تجارب غيرهم على اعتبار ان ما اصاب غيرهم قد يصيبهم أيضا اذا ما ظل العقل غائبا والحكمة مفقودة فإنهم قد يجدون أنفسهم ينجرفون إلى منزلقات عميقة يصعب مداواة جروحها الغائرة او حتى رتق فتوقها إذا ما اتسع الخرق على الراقع .. إلا أن ذلك المقال اعتبره البعض (متشائما) ويومها دعوت الله ان أكون مخطئاً لكنني مع ذلك لا استطيع كأي مواطن يخاف على بلده تجاهل مايجري على أرض الواقع من مظاهر التوتر والتي تتعمق في ظلها الهوة بين اليمنيين على النحو الذي نخشى معه أن نصحو ذات يوم وقد هدمنا الجدار من أركانه. وأمام المرحلة الفارقة التي يمر بها اليمن أجد أننا كيمنيين مطالبون باستشعار مخاطر استمرار الاحتقان القائم في البلاد بروح متجردة من الأهواء الذاتية والسياسية والحزبية سيما ونحن جميعا نبحر في سفينة واحدة وإذا ما غرقت هذه السفينة فإننا سنغرق كلنا ولن ينجو أحد. اليمنيون متهمون بأنهم لا يفقهون حساب الأولويات ومتهمون بأنهم لا يحسنون ترتيب أولوياتهم, ولذلك فإن هذه الأولويات عادة ما تختل موازينها في أيديهم فقد تحاوروا لأكثر من عشرة أشهر من أجل التوصل إلى (خارطة طريق) لبناء مستقبلهم ودولتهم إلا أنهم وبمجرد أن خرجوا من أبواب ( الموفنبيك) تذكروا أنهم لم يحسموا توزيع الحصص في ما بينهم فعادوا من جديد إلى مربع الاعتراك والتجاذب والتنابز بالكلمات والبنادق وكأن الزمن بالنسبة لهم صار لفظة مشطوبة من قواميسهم فيما الأمم تتسابق بالأيام والساعات ونحن نهدر الوقت والجهد في معارك عبثية وصراعات عدمية هي اشبه بملهاة أو مأساة الخاسر الأكبر فيها هذا الوطن الذي وحده يدفع الثمن . أليس من المؤسف أننا وكلما فكرنا بالأحوال المعيشية الطاحنة التي تفتك باليمنيين وبمسائل الاقتصاد المنحوس والمنكوب ومستقبل اليمنيين على هذه الأرض تذكرنا بأننا في اتون أزمة سياسية طاحنة قد تطيح بكيان الدولة وتهز استقرار المجتمع ولهذا علينا أن نرحل قضايانا الكبرى إلى إشعار آخر ريثما تنجلي الأزمة ؟ أليس من المخجل أننا وكلما أردنا أن نعيد تصويب البوصلة باتجاه قضايانا الأساسية وتحدياتنا الهائلة أعادنا الساسة المتصارعون إلى مربع معاركهم وصراعاتهم وحروبهم هذا إن لم نصطدم في نهاية النفق بجدار انفعالات هؤلاء الساسة الذين لا يهمهم ان ينفرج حال هذه البلاد في سنة أو عشر سنوات أو حتى عشرة عقود؟ أليس من المؤلم أننا وكلما حاولنا أن نرتب أجندتنا الوطنية بنسق جديد افتتح هؤلاء الساسة مزادا جديدا للتعطيل وبعثرة الأولويات والأجندة مع أنهم يعلمون علم اليقين أن مستقبل هذا الشعب أصبح في مهب الريح وان الدولة ومؤسساتها المتهالكة صارت هي الأخرى موضوعة على طاولة التشريح ؟ أليس من المحزن أننا وكلما حاولنا أن نحلم بمستقبل جميل لأولادنا وأحفادنا في وطن امن ومستقر نجد رؤوسنا ترتطم بجدران التعصب وضيق الأفق لنحس بالألم في رؤوسنا وبالوجع في قلوبنا فيما اللاعبون بمصائرنا يتبادلون الأدوار ما بين الكواليس والمسرح حتى وهم لا يجهلون أن المسرح بات يحترق بالفعل وان أركانه تتساقط وان الحريق صار قريبا من مقاعدهم. لا تفسير لما نعيشه اليوم سوى أننا نعاني نوعا من فقدان الذاكرة أو تشوش الذهن أو انكسار الوعي وهي حالات مرضية تصيب الشعوب والأمم كما تصيب الأفراد وان لم يكن كذلك فليس أكثر من أن الضمير الوطني دخل حالة من الاسترخاء أو حالة من التبلد لا فرق . ..رسالة لإخوتنا في مارب.. من كان يتصور أن تقبل محافظة مأرب بمرجعيتها الحضارية وعمقها التاريخي ورمزيتها القبلية والوطنية والعربية والإسلامية أن تكون محطة ترسو عليها عملية اختطاف لطفلين بريئين جرى خطفهما عنوة من امام مدرستهما في منطقة حدة في العاصمة صنعاء مهما كانت ذريعة من قاموا بها خصوصا وان عملية كهذه هي في كل الأعراف والأسلاف والقيم والمعاني الإنسانية والشرائع السماوية والوضعية مجرمة بكل المقاييس ولا ينفع معها أي تبرير أو ذريعة أو حجة حتى وان وجدت مثل هذه الحجة ؟ بل من كان يتصور أن يتفرق الجمع عن تثبيت الثابت وإحقاق المعروف أمام حادثة كهذه وبالذات من قبل وجاهات ومشائخ قبليين وقيادات سياسية وحزبية ورجال فكر وعلم يفقهون في كل صغيرة وكبيرة في الأعراف والسياسة والدين ومن ذلك انعكاسات تلك الظاهرة على مستوى الخاطفين والمخطوفين وعلى مستوى الدولة والمجتمع كما أنه لا يغيب عنهم أن عمليات الاختطاف ينسب العمل فيها للجماعة وليس للأفراد نظرا لقوة الترابط والتماسك القبلي وهذا التحديد وان كان ذا مضمون سوسيولوجي فانه أصبح واقعا في الوسط الاجتماعي ومرجعياته المختلفة. وبالتالي فما كنا نتوقع على الإطلاق أن يرضى أبناء مأرب لأنفسهم الصمت عن حادثة اختطاف الطفلين فتحي وفؤاد احمد عبدالواحد مطهر ولفترة تقترب من ثلاثة أشهر مع أننا نعلم عنهم أنهم أصحاب مواقف ولا يقبلون أن تصبح مثل هذه القضية مثار تجاذب بين أبناء محافظتين عزيزتين على كل اليمن هما مارب وتعز بحكم أن الخاطفين من مارب والمخطوفين من تعز وقطعا لهذا التجاذب فإن المعول على عقلاء مارب الإسراع في التدخل وإطلاق الطفلين وإعادتهما إلى أسرتهما إذ أنه لا ذنب لهما وإذا كان هناك من خلاف بين والد الطفلين والخاطفين فإن القضاء هو الفصل في هذا الخلاف وليس غير ذلك . وحينما نوجه مثل هذا الخطاب لعقلاء مارب ومشائخها ووجهائها فإننا ننطلق من قناعة صادقة بان مكانة الفرد في المجتمع اليمني تقاس بانتمائه إلى المجتمع المحلي الذي ينتمي إليه مثل العشيرة والقبيلة والمديرية والمحافظة ولذلك فإن كل عمليات الاختطاف وإن تمت بواسطة أشخاص معينين ووفق ادوار محددة فإن العادة في مثل هذه الأفعال أن توجه أية مناشدة لمن بيدهم الحل والعقد من العقلاء والوجهاء والمشائخ الذين يشكلون المرجعية على مستوى القبيلة أو المحافظة ولما من شأنه تصحيح أي تصرف خاطئ أوص فعل يسيء للجميع وذلك ما قصدناه ليس إلا .
يوميات الثورة
قلت في مقال كنت قد كتبته الاسبوع الماضي في جريدة (الشبيبة) العمانية :إن حساسية اللحظة الراهنة تقتضي من اليمنيين أن يتوقفوا عن العبث بمستقبل وطنهم وان يمعنوا النظر كثيرا فيما يحدث اليوم في سوريا والعراق وليبيا ليتسنى لهم الاتعاظ من تجارب غيرهم على اعتبار ان ما اصاب غيرهم قد يصيبهم أيضا اذا ما ظل العقل غائبا والحكمة مفقودة فإنهم قد يجدون أنفسهم ينجرفون إلى منزلقات عميقة يصعب مداواة جروحها الغائرة او حتى رتق فتوقها إذا ما اتسع الخرق على الراقع .. إلا أن ذلك المقال اعتبره البعض (متشائما) ويومها دعوت الله ان أكون مخطئاً لكنني مع ذلك لا استطيع كأي مواطن يخاف على بلده تجاهل مايجري على أرض الواقع من مظاهر التوتر والتي تتعمق في ظلها الهوة بين اليمنيين على النحو الذي نخشى معه أن نصحو ذات يوم وقد هدمنا الجدار من أركانه. وأمام المرحلة الفارقة التي يمر بها اليمن أجد أننا كيمنيين مطالبون باستشعار مخاطر استمرار الاحتقان القائم في البلاد بروح متجردة من الأهواء الذاتية والسياسية والحزبية سيما ونحن جميعا نبحر في سفينة واحدة وإذا ما غرقت هذه السفينة فإننا سنغرق كلنا ولن ينجو أحد. اليمنيون متهمون بأنهم لا يفقهون حساب الأولويات ومتهمون بأنهم لا يحسنون ترتيب أولوياتهم, ولذلك فإن هذه الأولويات عادة ما تختل موازينها في أيديهم فقد تحاوروا لأكثر من عشرة أشهر من أجل التوصل إلى (خارطة طريق) لبناء مستقبلهم ودولتهم إلا أنهم وبمجرد أن خرجوا من أبواب ( الموفنبيك) تذكروا أنهم لم يحسموا توزيع الحصص في ما بينهم فعادوا من جديد إلى مربع الاعتراك والتجاذب والتنابز بالكلمات والبنادق وكأن الزمن بالنسبة لهم صار لفظة مشطوبة من قواميسهم فيما الأمم تتسابق بالأيام والساعات ونحن نهدر الوقت والجهد في معارك عبثية وصراعات عدمية هي اشبه بملهاة أو مأساة الخاسر الأكبر فيها هذا الوطن الذي وحده يدفع الثمن . أليس من المؤسف أننا وكلما فكرنا بالأحوال المعيشية الطاحنة التي تفتك باليمنيين وبمسائل الاقتصاد المنحوس والمنكوب ومستقبل اليمنيين على هذه الأرض تذكرنا بأننا في اتون أزمة سياسية طاحنة قد تطيح بكيان الدولة وتهز استقرار المجتمع ولهذا علينا أن نرحل قضايانا الكبرى إلى إشعار آخر ريثما تنجلي الأزمة ؟ أليس من المخجل أننا وكلما أردنا أن نعيد تصويب البوصلة باتجاه قضايانا الأساسية وتحدياتنا الهائلة أعادنا الساسة المتصارعون إلى مربع معاركهم وصراعاتهم وحروبهم هذا إن لم نصطدم في نهاية النفق بجدار انفعالات هؤلاء الساسة الذين لا يهمهم ان ينفرج حال هذه البلاد في سنة أو عشر سنوات أو حتى عشرة عقود؟ أليس من المؤلم أننا وكلما حاولنا أن نرتب أجندتنا الوطنية بنسق جديد افتتح هؤلاء الساسة مزادا جديدا للتعطيل وبعثرة الأولويات والأجندة مع أنهم يعلمون علم اليقين أن مستقبل هذا الشعب أصبح في مهب الريح وان الدولة ومؤسساتها المتهالكة صارت هي الأخرى موضوعة على طاولة التشريح ؟ أليس من المحزن أننا وكلما حاولنا أن نحلم بمستقبل جميل لأولادنا وأحفادنا في وطن امن ومستقر نجد رؤوسنا ترتطم بجدران التعصب وضيق الأفق لنحس بالألم في رؤوسنا وبالوجع في قلوبنا فيما اللاعبون بمصائرنا يتبادلون الأدوار ما بين الكواليس والمسرح حتى وهم لا يجهلون أن المسرح بات يحترق بالفعل وان أركانه تتساقط وان الحريق صار قريبا من مقاعدهم. لا تفسير لما نعيشه اليوم سوى أننا نعاني نوعا من فقدان الذاكرة أو تشوش الذهن أو انكسار الوعي وهي حالات مرضية تصيب الشعوب والأمم كما تصيب الأفراد وان لم يكن كذلك فليس أكثر من أن الضمير الوطني دخل حالة من الاسترخاء أو حالة من التبلد لا فرق . ..رسالة لإخوتنا في مارب.. من كان يتصور أن تقبل محافظة مأرب بمرجعيتها الحضارية وعمقها التاريخي ورمزيتها القبلية والوطنية والعربية والإسلامية أن تكون محطة ترسو عليها عملية اختطاف لطفلين بريئين جرى خطفهما عنوة من امام مدرستهما في منطقة حدة في العاصمة صنعاء مهما كانت ذريعة من قاموا بها خصوصا وان عملية كهذه هي في كل الأعراف والأسلاف والقيم والمعاني الإنسانية والشرائع السماوية والوضعية مجرمة بكل المقاييس ولا ينفع معها أي تبرير أو ذريعة أو حجة حتى وان وجدت مثل هذه الحجة ؟ بل من كان يتصور أن يتفرق الجمع عن تثبيت الثابت وإحقاق المعروف أمام حادثة كهذه وبالذات من قبل وجاهات ومشائخ قبليين وقيادات سياسية وحزبية ورجال فكر وعلم يفقهون في كل صغيرة وكبيرة في الأعراف والسياسة والدين ومن ذلك انعكاسات تلك الظاهرة على مستوى الخاطفين والمخطوفين وعلى مستوى الدولة والمجتمع كما أنه لا يغيب عنهم أن عمليات الاختطاف ينسب العمل فيها للجماعة وليس للأفراد نظرا لقوة الترابط والتماسك القبلي وهذا التحديد وان كان ذا مضمون سوسيولوجي فانه أصبح واقعا في الوسط الاجتماعي ومرجعياته المختلفة. وبالتالي فما كنا نتوقع على الإطلاق أن يرضى أبناء مأرب لأنفسهم الصمت عن حادثة اختطاف الطفلين فتحي وفؤاد احمد عبدالواحد مطهر ولفترة تقترب من ثلاثة أشهر مع أننا نعلم عنهم أنهم أصحاب مواقف ولا يقبلون أن تصبح مثل هذه القضية مثار تجاذب بين أبناء محافظتين عزيزتين على كل اليمن هما مارب وتعز بحكم أن الخاطفين من مارب والمخطوفين من تعز وقطعا لهذا التجاذب فإن المعول على عقلاء مارب الإسراع في التدخل وإطلاق الطفلين وإعادتهما إلى أسرتهما إذ أنه لا ذنب لهما وإذا كان هناك من خلاف بين والد الطفلين والخاطفين فإن القضاء هو الفصل في هذا الخلاف وليس غير ذلك . وحينما نوجه مثل هذا الخطاب لعقلاء مارب ومشائخها ووجهائها فإننا ننطلق من قناعة صادقة بان مكانة الفرد في المجتمع اليمني تقاس بانتمائه إلى المجتمع المحلي الذي ينتمي إليه مثل العشيرة والقبيلة والمديرية والمحافظة ولذلك فإن كل عمليات الاختطاف وإن تمت بواسطة أشخاص معينين ووفق ادوار محددة فإن العادة في مثل هذه الأفعال أن توجه أية مناشدة لمن بيدهم الحل والعقد من العقلاء والوجهاء والمشائخ الذين يشكلون المرجعية على مستوى القبيلة أو المحافظة ولما من شأنه تصحيح أي تصرف خاطئ أوص فعل يسيء للجميع وذلك ما قصدناه ليس إلا .
يوميات الثورة