GuidePedia




...
الهكسوس أو حقاو خاسوت، كما أطلق عليهم المصريون القدماء بمعنى الحكام الأجانب، هم أول شعب أجنبى يحاول احتلال مصر فى العصور القديمة.. دخلوا من البوابة الشمالية الشرقية (سيناء)، واستوطنوا الدلتا وأسسوا لأنفسهم عاصمة هى حوت وعرت أو أواريس وأحياناً كما نعرفها فى منطقة قنطير بالشرقية حالياً. ولقد تعدت مدة إقامتهم فى مصر حوالى 150 عاماً.. ويعود الفضل إلى المؤرخ السمنودى «مانتيون» فى معلوماتنا الأولى عن الهكسوس، بالإضافة إلى لوحة بمعبد الكرنك تركها طالب من طلاب المعبد ولوحات أخرى تحكى قصص الكفاح والتحرر. والهكسوس مثل داعش فى أن كليهما لا يملك تاريخاً وليس له جذور أو وطن محدد. فكما ظهر فجأة الهكسوس ظهر أيضاً فجأة الدواعش. ومن المؤكد أيضاً أن داعش سينتهى كما ظهر ولن يبقى له أثر يذكر، فهذه هى سنة التاريخ، وقانون الحياة التى لا تستمر إلا لمن يبنى ويعمر الأرض، لا لمن يذبح ويهدم ويخرب. أما عن الفرق بين الهكسوس وداعش فهو أن الهكسوس كانوا أكثر ذكاء وحنكة، فحاولوا تقليد المصريين فى شكلهم وملبسهم وحتى ديانتهم، حيث عبدوا الآلهة المصرية، ودفنوا على الطريقة المصرية، بل كتب ملوكهم أسماءهم داخل خراطيش مثل الفراعنة، لقد حاولوا التمصر وإقناع المصريين بأنهم مصريون مثلهم وحاولوا التحالف مع حكام الجنوب. وعلى الرغم من ذلك ظل المصريون يحاربون الهكسوس ويرفضون اندماجهم فى مصر، ولم يمكنوهم من مد نفوذهم خارج حدود الدلتا. واستمرت حرب المصريين مع الهكسوس حتى استطاع الجيش المصرى، بقيادة الملك أحمس، تحرير مصر وطرد الهكسوس وتشريدهم، فلم يُسمع عنهم بعد ذلك فى التاريخ. وسياسة الهكسوس اتبعها غزاة كثيرون مثل البطالمة مثلاً، والذين قدموا أنفسهم كأبناء شرعيين للإله آمون المصرى ودمجوا الآلهة المصرية مع الأخرى اليونانية.
وعلى النقيض من تلك السياسة وهذا النهج الاحتلالى، نرى الدواعش يقدمون أنفسهم باعتبارهم مغول العصر الحديث، قتل وذبح وتخريب وهدم! ونعرف أن من دحر التتار والمغول هو الجيش المصرى، ولذلك كان المخطط أن يتم هدم الجيش المصرى قبل ميلاد داعش، ولكن فشلت الخطة فى مصر وحافظت على جيشها وحدودها، وولد داعش (فزاعة العرب الجديدة) يموله كل من لهم مصلحة فى دمار المنطقة العربية حتى تظل منشغلة بنفسها. إن قيام داعش ببيع البترول العراقى والسورى والآثار يعنى أن هناك من يشترى منه وبأى ثمن! فمن هو الطرف الثانى؟! الإجابة معروفة! ولكن هل هناك تفسير لنهج داعش العنيف؟ بالطبع يوجد تفسير معقول يفسر هذا العنف! إن من رسم لهم الخطة وزرعها اختار النهج السريع فى النتائج والأحداث. فسياسة الاستمالة والترغيب تستغرق سنوات طويلة وقد تأتى بنتائج أو لا تأتى ولنا فى جماعة الإخوان العبرة والعظة، وبالتالى فإن سياسة داعش مقصودة لسرعة نتائجها، وكذلك هى وسيلة فعالة لجلب الدمويين ومهووسى العنف من كل بقاع العالم. إذا كنا نتقزز من مشاهد الذبح المنافية للإنسانية، فإن هناك مرضى نفسيين يعشقون الدم والجريمة ويتمنون الانضمام إلى داعش. مشاهد الذبح وتدمير الآثار والتراث الإنسانى هى هدية داعش لأعداء الإسلام وأعداء العرب. التطورات سريعة ومتلاحقة وهناك تغيير بالطبع سيحدث، ولكن سيصب فى مصلحة العرب وتوحدهم، وللأسف نحن لا نسعى للتوحد إلا حين نستشعر الخطر وها هو يدق أبوابنا. إن عمر داعش قصير وسيتلاشون ويمحى ذكرهم من التاريخ ومن الإنسانية.

Facebook Comments APPID

 
Top