مرت حتى الآن 35 يوما على الحوارات الجارية في (الموفنبيك) برعاية المبعوث الأممي جمال بنعمر ولا تزال أسئلة كثيرة معلقة بلا أجوبة واضحة بشأن القضايا الخلافية التي تحاصر هذه الحوارات وهل هذه الخلافات تتموضع على قضايا محددة؟ أم أن أبوابها مشرعة على سقوف مفتوحة من التعقيد لتبدو فيها معادلة صنعاء موازية لمعادلة عدن ؟ وبالتالي وتحت ضغط هاتين المعادلتين جاءت دعوة (الحراك) قبل هادي لنقل الحوار إلى الخارج؟؟ فهل نحن أمام انسداد جديد ؟ أم أمام أزمة سياسية جديدة مستحكمة محورها الصراع على السلطة؟ بحيث صار الماضي القريب يطارد الحاضر ويخنق المستقبل مع كل يوم يضيع في تلك الحوارات السريالية والعبثية التي تتجلى أهم فصول إخفاقاتها في اتفاق متحاوري (الموفنبيك) على مناقشة موضوع تشكيل الحكومة وتأجيل التفاوض حول المجلس الرئاسي الذي مازال مثار خلاف بين أطراف الحوار إذ أن أسوأ ما في هذا التفكير انه ليس فقط الذي يضع العربة قبل الحصان بل انه يكرس لتمديد الأزمة ويفتح الباب لخلاف قادم لن تقوى كل الأطراف على تحمل نتائجه إذا ما علمنا انه لا جدوى لأي اتفاق على تشكيل الحكومة إذا ما استمر التنازع والتصادم حول المجلس الرئاسي إلا في حالة أن القرار الجمهوري الذي سيصدر بتلك الحكومة سيكون من صلاحيات جمال بنعمر أو الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون؟؟. هل يدرك (الفرقاء) الذين يتخانقون على تقاسم كعكة السلطة في (الموفنبيك) حجم الخطر الذي بات يتهدد هذا الوطن ومن بداخله ومن عليه؟ وهل يدرك هؤلاء المتعنتون والمكابرون أنهم باستمرار احتقاناتهم وخلافاتهم وتناحراتهم على السلطة والنفوذ يقودون هذا الوطن إلى الهاوية والسقوط في مستنقع الانقسام وليس التقاسم والقسمة وليس التقسيم لمراكز السلطة وعائدات الثروة؟ وأنهم بهذه الحالة السريالية والعبثية يضاعفون من معاناة ومآسي أكثر من 25 مليون مواطن تتقاذفهم عوامل الفقر والبطالة والخوف والقلق والنفوس الحائرة التي وضعت همومها في حقيبة المجهول دون أن تدري إلى أي مصير سيقودها ذلك المجهول. فهل ثار من ثار في 11 فبراير عام 2011م من اجل هذا؟ وهل ثار من ثاروا بعدهم في 21 سبتمبر 2014م بهدف تكريس هذا الواقع المشحون بالمحن والنوازل؟ أم أن كل أهدافنا وغاياتنا وأحلامنا بالتغيير هي من تتهاوى أمام نزواتنا وقلة خبرتنا وانحسار روحنا الوطنية وعدم وعينا بأن مصالحنا لن تتحقق بعيدا عن مصلحة الوطن ؟ أم أننا كنا وما تزال ضحية انقساماتنا وخلافاتنا وخياراتنا السيئة؟ وأننا لذلك ندفع اليوم ثمن تلك الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها أحزابنا ونخبنا وجماعاتنا السياسية والثورية. سنوات أربع مرت لم نقرأ فيها أو نسمع عن مراجعة الأخطاء أو وقفة جادة مع الذات أو تغيير في استراتيجية أطراف الصراع أو تعديل في خطة من يتصدرون المشهد أو مراجعة لمواقف من يبنون حساباتهم على قاعدة الاستحواذ على السلطة وليس على التضحية من أجل هذا الشعب الذي تكالبت عليه الكوارث والأزمات والويلات والفتن وتقديم التنازلات في سبيل الانعتاق به وإخراجه من هذا الواقع البائس والمؤلم. بعد أربع سنوات لم يعد التغيير مطلبا أو حلما بل بات كابوسا مرادفا للفوضى والانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي والانهيار الإداري وتآكل عوامل الاستقرار وانزواء فرص التوافق والإجماع حيال كل ما كان يعتبر في حكم الثوابت او ضمن ما كان يصنف في نطاق الخطوط الحمراء . سنوات أربع مضت سقط فيها عشرات الأبرياء من كل الفرق والتيارات والجماعات واحترقت فيها وجوه كانت يوما تحمل طموحا واسعا لهذا الوطن بعد أن فترت عزيمتها وضعفت شوكتها وتراجع حماسها تحت إيقاع الإحباط أو الفشل.. كل هذا فيما فرقاء (موفنبيك) يتشاجرون ويتناحرون على السلطة ومغانمها ومن سيكون له القدر الأوفر من النفوذ في المرحلة القادمة وكأن الثمن الذي دفعه هذا الشعب حتى الآن لم يكن كافيا حتى يشعر هؤلاء بتأنيب الضمير ويحسوا بمعاناة هذا الشعب المغلوب على أمره. قد لا نحتاج إلى حصافة أو ذكاء لنكتشف سر القلق الإقليمي والدولي على اليمن في الوقت الراهن خصوصا وان هذا البلد ظل لعقود طويلة منسيا من كل القوى الإقليمية والعربية والدولية إلى درجة أن أحدا لم يكن يذكره أو يكترث بما يشهده من أحداث أو صراعات أو حروب أهلية طالما ظلت منحصرة في داخله وضحاياها يمنيون. فما الذي تغير ليصبح اليمن على رأس قائمة أجندات الخليج وإيران وتركيا والأمم المتحدة ومجلس الأمن وكذا المجموعة العربية والدولية بشكل عام ؟ في تقديري أن الصراع على اليمن وحولها أصبح مهيأً كنقطة ارتكاز لكل الصراعات المتفجرة في مناطق عدة بين المحوريين الدوليين وتلك حقيقة سبق وان لخصها الرئيس الأمريكي أوباما في منتصف يوليو 2010م لقناة MBC حينما قال : نتوقع أن تكون اليمن هي الجزء الأصعب في أي صراع قادم في هذا العالم.. وهي النتيجة التي يمكن قراءة تفاعلاتها من خلال التطورات والانقسامات التي أخذت تتعمق في المشهد اليمني الراهن.. والمخجل حقا أن كل هذه المؤشرات على بواطن الخطر مازالت لا ترى من قبل الفرقاء في (موفنبيك).. وما نخشى منه أكثر أن يظل الأمر كذلك إلى أن يفور التنور وينفجر البركان وتتعرض اليمن لأشرس استهداف داخلي وخارجي فيما نحن نتجادل حول البيضة والدجاجة وأيهما كان الأسبق. اليمن في أزمة وأهله هم الوحيدون القادرون على إنقاذه .. فهل يفعلون ؟؟