GuidePedia



...
قالوا عنها أنها غامضة، وحادة، ومنعزلة، وصعبة المراس، ومجنونة، ومسترجلة، ومقطوعة الروابط.. وفي النهاية مربية أطفال لدى كثير من العائلات في مدينة "نيويورك". هذا كل ما يعرفه الجيل الذي تربى على يد "فيفيان ماير"، والأشخاص الذين عملت معهم، عنها، بعد وفاتها بأشهر قليلة، بعضهم حالياً في الثلاثينيات من أعمرهم، وآخرون مسنون، لكنهم لا يعرفون شيئاً عن المرأة أكثر مما قالوه، غير إن إحداهن قالت أن "ماير" كانت قاسية، وحاولت خنقها عندما كانت طفلة تمتنع عن تناول الطعام، أثناء غياب والدها.
لم تعرف تلك الأسر شيئاً عن "فيفيان"، وبعض الذين عملت في منازلهم، نادوها، أو أطلق عليها أسماء غير التي كانت تعرف بها حقيقةً، فهناك من قال أن اسمها "فيف"، ومن قال أنها "سميث". وأنها أجابت في باستخفاف على أحدهم، عندما سألها "لماذا تخفين اسمك الحقيقي"، بالقول: أنا جاسوسة.
وفي سياق الغرابة التي وصمت حياة "فيفيان"، كانت تتحدث بلغة إنجليزية ذات لكنة فرنسية، وبنبرة صوت متموج، بالرغم من أنها ولدت في نيويورك، وهناك سياق مقطوع في شجرة عائلتها.. وعلى الهامش، فإن من الأشياء التي لاحظتها الأسر في اهتمامات "فيفيان"، حملها الدائم لكاميرا على عنقها، والتقطها صور لكل شيء يصادفها..
وبعد فترة قصيرة من وفاتها في نهاية شهر أبريل 2009، أقامت إحدى المزادات بيعاً لمعروضات امرأة غرائبية، فضلت العزلة، على الزواج. تضمنت "كراتين" بها أشياء متنوعة لهاوية جمع أشياء غريبة.. من الطوابع البريدية، إلى شيكات مالية لم يتم صرفها، إلى رسائل وتذاكر قطار، إلى صحف تم تقطيعها بعناية، إلى "مانشتات" تصدرت أخبار صحف معروفة. وبين كل هذه الفوضى وجد الشباب المراهق-والذي اشترى هذه الأشياء- "نجتيف" لأفلام لم يتم طبعها بعد. وفي آخر اهتماماته، قام الشاب بتحميض وطبع بعض صور "النيجتيف" لإشباع فضوله، ومن ثم نشرها في مدونته، واندهش من ردة الفعل غير المتوقعة للمدونين على الصور، وتوالي أسئلتهم عمن يقف وراء كل هذا الجمال.
بادر الشاب إلى البحث عن صاحبة الصور، وعرف بعدها أنها توفت قبل أشهر قليلة، ولا يزال لديها مستودع كبير من الأشياء التي قد تعرض للمزاد، ولهذا قام بشراء الموجودات هناك. وحصل على ما لم يكن في حسبانه، الآلاف من أفلام "النيجتيف" والتي لم يتم طبعها بعد.
طبع الشاب الصور، والتي أفصحت عن مصورة كبيرة ومحترفة، أحدثت أعمالها صدمة للوسط الفني، ولاقت المعارض التي عرضت هذه الصور نسبة إقبال لم تشهدها معارض فوتوغرافية أخرى.. وهو ما حد بالشاب للبحث عمن تكون "فيفيان ماير"، وما الذي يعتقدوه بشأنها، في فيلم وثائقي كشف النقاب، عن واحدة من أهم وأكبر الفنانين في العالم. وبين العدد الهائل للصور، كانت هناك مشاهد وشخصيات ليمنيين ومصرييين وهنود.. صورتها "فيفيان" لدى سفرها غير المعروف إلى هذه البلدان.

*الصورة لإحدى الشخصيات التي التقطتها "فيفيان"، قال عنها أحد المقتنين لأعمالها، إن فيها بؤس وسعادة.

Facebook Comments APPID

 
Top