عن كثب/متابعات...
اشار وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في مقال نشره بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى التطور الحاصل من خلال المفاوضات النووية وبيان لوزان؛ مؤكدا انه في حال وجود قيادة شجاعة والارادة اللازمة على صعيد اتخاذ القرارات الصائبة يمكننا ويجب أن نحل هذه الأزمة المفتعلة ونتجه نحو الإجراءات الأكثر أهمية.
وكتب ظريف في هذا المقال الذي حمل عنوان "رسالة من إيران": تمكنا في بداية الشهر الجاري من تحقيق تطورات مهمة جداً في سويسرا؛ واتفقنا مع مجوعة 5 +1 حول آليات من شأنها تبديد جميع الهواجس فيما يخص سلمية البرنامج النووي الإيراني؛ ورفع إجراءات الحظر ضد ايران.
وأضاف ظريف في هذا المقال الذي نشر في الصحيفة اليوم الإثنين وذلك على أعتاب انطلاق جولة جديدة من المفاوضات النووية: رغم ذلك اننا بحاجة الى ارادة سياسية اقوى. الشعب الإيراني كشف عن خياره واثبت إرادته على صعيد التعامل بعزة مع العالم . والآن حان الدور لأميركا وحلفائها الغربيين للاختيار بين التعاون أو المواجهة وبين التفاوض أو او اطلاق الشعارات وبين الاتفاق او محاولة ممارسة الضغط. ولكن في حال وجود قيادة شجاعة والارادة اللازمة على صعيد اتخاذ القرارات الصائبة يمكننا ويجب أن نحل هذه الأزمة المفتعلة ونتجه صوب الإجراءات الأكثر أهمية.
وأكد ظريف أن منطقة الخليج الفارسي الكبيرة تعاني اليوم من أزمة. المسألة الاساسية في المنطقة اليوم لم تعد مسالة سقوط وظهور الحكومات؛ بل أن النسيج الديني والاجتماعي والثقافي في جميع البلدان بات معرضا للتهديد.
لكن ايران واعتمادا على شعبها المقاوم الذي صمد أمام البلطجة، وفي نفس الوقت فتح آفاقا جديدة للتعاون المبني على الاحترام المتبادل؛ بقي محافظا على استقراره امام عواصف عدم الاستقرار والفوضى. ورغم ذلك لا يمكننا أن نقف غيرمبالين أمام الخراب والدمار الذي يحيط بنا؛ لان التجربة تثبت لنا أن الفوضى لا حدود لها.
وأشار ظريف إلى أن مواقف إيران كانت شفافة دائما وان نطاق التعاون الايراني البناء يتعدى قضية المفاوضات النووية؛ وإن حسن الجيرة تعد من أولوياتنا وتابع: رؤيتنا المبدئية هي ان الموضوع النووي هو بمثابة سحابة عابرة ولايمكن اعتباره سببا لانعدام الثقة والتوتر والصراع. ومع الأخذ بعين الاعتبار للتطورات التي تحققت مؤخرا على صعيد الحيلولة دون انعدام الثقة فيما يخصص القضايا الهامشية، فقد حان الوقت لإيران وسائر دول المنطقة أن تناقش جذور أسباب انعدام الثقة والتوترات في منطقة الخليج الفارسي بنطاقها الاوسع .
ووصف ظريف في مقاله ماهية السياسة الخارجية الايرانية بانها شمولية وقال ان هذا ليس خيارا او ترجيحا بحتا بل انه نابع من معرفة معمقة لحقيقة ان العولمة نسخت جميع الخيارات البديلة. فلا يمكن لاي شيء ان يترك تاثيره على السياسة الدولية من الفراغ. والامن لا يستقر بزعزعة امن الاخرين، وفي الحقيقة لا يمكن لا شعب ان يضمن مصالحة دون الاخذ بنظر الاعتبار لمنافع الاخرين.
ولفت إلى أن أهمية هذه الآليات لا تتضح كما نراها في منطقة الخليج الفارسي.. فكلنا بحاجة إلى تقييم ذكي للتعقيدات والواقع المتشابك في المنطقة واتخاذ استراتيجيات مستديمة من أجل مواجهتهما.. وإن مكافحة الإرهاب ليست إلا نموذجاً واحداً من ذلك.
وصرح ظريف: لايمكن لأحد مكافحة القاعدة وما يماثلها في المعتقد كثل تلك التي تسمى بالدولة الإسلامية ـ والتي ليست بدولة ولا إسلامية ـ في العراق في حين أنه يعمل على توسيع نطاقها بشكل مؤثر في اليمن وسوريا.
وأشار إلى وجود مجالات عدة تتقاطع فيها مصالح إيران وبلدان المنطقة؛ وإن تأسيس مجمع للحوار الإقليمي في منطقة الخليج الفارسي من أجل تسهيل التفاعل والتعامل يعد موضوعاً كان يجب بلورته منذ زمن.
ووصف وزير الخارجية الإيراني القضية اليمنية بأنها من المواضيع العاجلة والملحة ضمن المآسي التي تعاني منها المنطقة، وبين أن إيران قدمت مبادرة مكونة من اربعة بنود لحل هذه الأزمة المؤلمة والغيرمبررة؛ تنص على وقف فوري لإطلاق النار؛ أيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين اليمنيين؛ تسهيل الحوار بين الفصائل اليمنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة.
وشدد ظريف بالقول: على نطاق أوسع يجب أن يرتكز الحوار الإقليمي على المباديء العالمية المشتركة المعترف بها وعلى بعض الأهداف المشتركة؛ ومن أهمها: إحترام السيادة ووحدة الاراضي والاستقلال السياسي لجميع الدول، استحالة تغيير الحدود الدولية، عدم التدخل في شؤون الدول الآخرى، التسوية السلمية للنزاعات، حظر التهديد أو استخدام القوة والعمل على نشر السلام وتحقيق التقدم والازدهار في المنطقة.
وراوزير الخارجية الايراني ان الحوار الاقليمي بامكانه ان ينبثق عن فهم مشترك وعلاقات متبادلة على مختلف المستويات بين الدول والقطاع الخاص والمجتمع المدني وان يؤدي الى الاتفاق بشأن العديد من القضايا ومنها: الخطوات التي من شانها بناء الثقة، ارساء الامن، مكافحة الارهاب والتطرف والطائفية، ضمان الامن الملاحي واسواق النفط وسائر المصادر في الخليج الفارسي وصيانة بيئة المنطقة. كما ان هذا الحوار الاقليمي من شانه التاسيس لالية تحول دون العدوان وتؤدي الى التعاون من اجل ضمان الامن الاقليمي.
وتابع ظريف قائلا ان هذا التعاون وضمن ضرورة ان يقتصر على الدول المرتبطة بالمنطقة يمكن يمكن ان يستفيد من الاطر المؤسساتية للحوار لاسيما منظمة الامم المتحدة. كما ان بامكان الامين العام للامم المتحدة تمهيد الارضية الدولية لاطلاق مثل هذا الحوار. الدور الاقليمي لمنظمة الامم المتحدة والذي برز بشكل واضح من خلال قرار مجلس الامن الدولي رقم (598) وساعد على انها الحرب بين ايران والعراق عام 1988، بامكانه التقليل من الهواجس لاسيما لدى الدول الاصغر ويبلور آلية تصون امن المجتمع العالمي ورعاية منافعة المشروعة ويشكل حلقة وصل للمساعدة بين الحوارات الاقليمية مع القضايا التي تتعدي الحدود الاقليمية.
وختم وزير الخارجية الايراني مقاله بالقول: لا يسع العالم ان يتهرب اكثر من هذا من مناقشة جذور انعدام الامن في منطقة الخليج الفارسي بنطاقها الاوسع وهذه فرصة فريدة من نوعها للتعامل ينبغي عدم تفويتها او اهدارها.