GuidePedia

 

هل يمكن كتابة رواية بوليسية في اليمن؟



بسام شمس الدين


قبل يومين سألتني فتاة إن كان بإمكانها كتابة رواية بوليسية، ذات صبغة رومانسية وأي لغة بوسعها أن تستخدمها، لغة حكيمة أو متزنة أو متمردة، سألتني باعتباري كاتبا وليس مفتيا.


وسأتكلم حسب تجربتي الخاصة، إذ ليس لدي قوالب خاصة أو قواعد أستقي منها آرائي، كذلك عرجت للاستفسار إن كان بوسعها أن تجعل مكان الرواية في بلد آخر، لأن  بلادنا تفتقر للحس الأمني، كما أن البوليس فيها لا يمسكون سوى بالضحايا فقط، بالطبع، لا أظن المكان يشكل عائقا للرواية، كذلك افتقار الأمن لحس السعي وراء المجرمين وضبطهم، هذا لا يعد مشكلة للكاتب إطلاقا، لأن الحبكة الروائية تستند إلى الخيال، وليس بالضرورة أن تكون صورة مطابقة للواقع، لهذا يمكن للكاتب أن يجعل شخصا ليس في الأمن تحريا أو بطلا للقصة البوليسية.


ففي بعض البلدان الغربية يلجأون أحيانا إلى متحري خاص يلاحق قضيتهم ويكشف خيوطها، لذا تغيير المكان لن يساعد على تطوير الحبكة السردية إلا إذا كانت الجريمة وقعت في ذلك المكان الذي يوجد فيه الراوي، بحيث تكون هناك مبررات لوجود الشخصيات في هذا المكان، كأن يكونوا هاربين من بلادهم أو مغتربين أو طلابا أو غير ذلك، لا يهم.


ومن وجهة نظري لا يوجد مكان أنسب لكتابة رواية بوليسية من البلدان التي لا يطبق فيها القانون إلا بشكل تقليدي جزئي، إذ يعطي هذا للكاتب مساحة سردية واسعة ومبرر كاف لابتكار شخصيات غير تقليدية كالبوليس، مثلا شخصية أخو الضحية أو حبيب الضحية، أو غير ذلك.


في روايتي "زواج فرحان" احتوت على مشهد بوليسي عند موت سلمى التي قتلها زعيم القرية متنكرا بملابس امرأة، وغايته أن يلقي التهمة على ابنته التي تنوي أن تتزوج شابا غير مرغوبا وهو فرحان، كانت ابنته على خلاف مع المرأة الضحية، لكن شهادة طفلين صغيرين كشفت عن الجاني، فالناس لا يأخذون آراء الأطفال على محمل الجد، لكنهم لا يكذبون، كان هناك طفلين يلعبان في الشارع لحظة دخول النمس (أكبر رجل من بني سعد) إلى منزل سلمى، وتمضي الأحداث قدما، لكن الفتاة لا تتزوج إلا بعد أن أقتيد والدها إلى السجن، كانت هذه القضية عرضية، والبوليس الذين أتوا إلى قرية بيت النمس أتوا من أجل قضية المشاعل، لكن الضابط النزيه لاحظ اضطراب الحياة الإجتماعية في القرية، وأصر أن يتدخل في قضية خطوبة فرحان لأنه مر بتجربة عاطفية فاشلة في مطلع حياته.


المهم في الأمر أن تبرير القضايا مهم في العمل القصصي، فكل حدث له مقدمات ومبررات، وإلا أصبح النص باهتا ومقحما، لا أعرف إن كانت هناك رواية بوليسية خالصة في بلادنا، لكنها يجب أن توجد ويكون لها فرسانها.


روائي يمني


التالي
هذا هو أحدث موضوع.
السابق
رسالة أقدم

Facebook Comments APPID

 
Top