...
بإمكاننا النظر للأديب أوالمثقف على أنه حلقة الوصل بين المجتمع وعقله، وربما يمكن القول أيضا بين المجتمع بما هو عليه وكما يتوجب أن يكون عليه كون الأديب الأكثر قدرةً على رؤية الأمور من زوايا متعددة بحكم قراءته المتعددة وعدم تقييد نفسه بجانب واحد من المعارف، خلاصة الأمر يمكن للأديب الخوض في رسم ملامح ثقافة المجتمع مستقبلياً. وقد يرد سؤالاً هنا : ألا يمكننا اعتبار الأديب أحد عناصر المجتمع العاديين بحيث يتأثر بما يتأثر به المجتمع اقتصاديا وثقافيا وغير ذلك ؟! بالتأكيد نعم, إلا أن المفترض أن يكون تأثره محدودا وليس كغيره, لأنه قد يعلم ما لا يعلم البقية وليستطيع أن يفكر بحلول. سوداوية النصوص الموجودة مؤخرا في الساحة اليمنية تنبئ عن فوضى ثقافية عارمة تتحكم بها العواطف أكثر من المنطق. وجود الأدباء في اليمن حاليا اصبح يشبه مهنة احترافية للغالبية بدلاً من أن يكون ذلك الوجود رسالة وطنية لها أهداف طويلة المدى بجانب الأهداف العادية التي يطمح لها العديد من الأدباء كإيصال أصواتهم والتعبير عن مشاعرهم وزيادة إنتاجاتهم الأدبية والشهرة وربما المال أيضاً. سيكون جعل الأعمال الأدبية رسالة لها هدف وطني طويل المدى مستحيلاً إن كانت العواطف حول ما يجري في البلد هي من تحرك المثقف وخاصة إن كانت معطياته تنحصر على ما يراه بعينيه العاديتين بعيدا عن ما قد يمكن لعقله الإبحار إليه من نظريات ذات زوايا متعددة تجعله محايداً وتمنحه أكثر من رؤية واحدة للحكم على الأمور. معظم الكتابات الحديثة العهد قد تلامس وبشكل مباشر ما نمر به من أحداث سياسية وأحداث عنف تارة بنكهة طائفية وتارة أخرى بنكهات سياسية ومناطقية يغلب عليها نوع من السوداوية وعدم الرضا. بالتأكيد الجميع ليس راضٍ عما يحدث ولكن دور الأديب يتعدى أن يكون مجرد مواطن تابع لهذا أو ذاك لأن الوطن ينتظر ما قد يفعل المثقف أكثر من غيره. ولهذا يجب أن تكون نظراته للأحداث من أكثر من جانب ويجب أن يكون أهم ما يميزه الاستطاعة بأن يتبنى نظرية الشك لمعظم ما يؤمن به بسبب معطيات سابقة اكتسبها ممن حوله. ربما يصبح قادرا على الكتابة والتنبؤ بحسب قراءته العقلية ومعطياته الذهنية وميوله العاطفي، ولكن لا بد أن يفهم أن ما يعتقد مازال مجرد رأي شخصي إن كان يرى الأمور بسطحية ويصدق لإعلام معين. ولعل أهم نقطة يمكن تناولها في هذا المقال ويجب أن تكون الرسالة التوعوية الأولى لكافة الأدباء والمثقفين هي (التسامح). كلنا نحب استخدام هذه الكلمة ونقدم ألف ذريعة محاولين إقناع كل من حولنا أننا نقدس فكرة التسامح ولكننا نتناولها غالبا بتطرف يمنع دون تصديقها من قبل الغير.
أريد أن أوجه كلامي هذا للأديب شاعرا كان أو قاصا أو روائيا أو فنانا أنه لا تنقصنا النظريات الإنسانية التي تتكلم عن الحب والرحمة والتسامح ويكفينا أن نظهر ما لدينا وما يوجد بثقافتنا مما قد يغير أحوال اليمن للأفضل. فثقافتنا مكتظة بكل النظريات بنكهات دينية واجتماعية وتفرضها علينا العادات وكثير من العرف المتوارث بأسلوب تلقائي نكتسبه غالبا من محيطنا الحياتي. تعلمنا كيمنيين أننا أرق قلوبا وألين أفئدة وأخبرونا كثيرا عن ماضٍ تليدٍ مليء بنصرة المظلوم والتعايش والوفاء. علمونا أيضاً أننا من أكثر الشعوب كرماً وأجودها ترحيبا بالضيف وأعظمها سخاءً. كل ذلك تعلمناه من أجدادنا الذين ينظر إليهم البعض كتابعين لمجتمع رجعي متخلف ويحتاجون للتجديد ليتلاءموا مع مستجدات الحياة الحديثة. المشكل الذي يباغت عقولنا حاليا هو أننا رحبنا بكل شيء تقريبا من خلال الثقافات التي تتوارد علينا من كل حدبٍ وصوب حتى حاولت بعضها التغلغل في ثقافتنا وأثرت سلبا على نظرتنا لما نتبناه من مفاهيم. رغم مئات الإصدارات الأدبية والثقافية في بلدنا لم يتغير شيء بشكل ملحوظ وإلا وجدنا أنفسنا بعيدين عن الصراعات الثقافية وحتى الدموية. فقط مجرد إضافة لمفاهيم وشعارات لا تتعدى كونها إضافة مشاكسة لبعض ما نعتقد. هذا التضاد أصبح حالة يجب الاعتراف بها ما دمنا رحبنا سابقا بهذه الاضافات عن طريق الأحزاب السياسية وتنوع المذاهب. أعتقد أن كافة هذه التيارات لديها نفس المصطلح الخاص بالتسامح بأكثر من مفهوم وأكثر من نظرية: تقبل الرأي الأخر، تعدد الحريات الفكرية والسياسية. قبول الأخرين. وبالرغم من وجود هذه النظريات الا أننا في الواقع لا نراها قيد التطبيق. هي لا تتعدى مجرد كلمات يتلوها أحدنا في خطبه وكتاباته. التصادم الفكري أوجد صراعاً دامياً لن ينتهي الا ان تم تطبيق ما تحفظه هذه التيارات من المبادئ والمفاهيم التي تستخدم أثناء عمل الدعايات الانتخابية والخطب المنبرية أو المحاضرات السياسية بعيداً عن المصالح الشخصية والأيدولوجيات الفكرية التي لا تخدم الوطن. ربما كلمة التسامح نفسها هي المشكلة لأنها صارت ذريعة الجميع حين يقوم تيار باتهام بقية التيارات بكونها متطرفة وغير قابلة للتفاهم والانسجام الوطني والتعايش الاجتماعي. الجميع يتحلى باستخدام هذه المفردة والجميع يعلم يقيناً أن تطبيقها هو الحل الأنسب. العقدة دائما مرتبطة في كلمة (لكن). وحتى المثقفون أنفسهم حين يكتبون يخضعون لتلك الأفكار كضحايا للأيدولوجيات مثلهم مثل غيرهم لأسباب عديدة يكون تحديدها بكلمات الانتماء السياسي والطائفي ويمكن إضافة كلمة المناطقية للبعض مهما وصل مستوى ثقافتهم. المثقف وغيره يستخدمون كلمة لكن للتملص من مسئولية استخدامهم لنظرية التسامح لإلقاء اللوم على البقية لكني هنا سأحاول استخدمها لبيان أنها الكلمة القاصمة لكسر وإلغاء أي تفاهم أو اتفاق أو بداية تسامح. ومن خلال ملاحظة الأحداث الأخيرة فهذه الكلمة تكون بداية الاحتقان المتجدد وتزايد جدار التضاد المُنتج للكراهية مجدداً وبداية الصراع الذي يقود للعنف الدموي كما حدث ومازال يحدث في الساحة مع صمت لا نعلم سبباً له من قبل الأدباء والمثقفين , ربما لأنهم جزء من الصراع بسبب ميولاتهم المؤدلجة أو لعدم قدرتهم على إيصال أصواتهم للساسة الذين يتحكمون بمصير الجميع.
ما سبق يبين لنا أن كلمة (لكن) انتقلت من مجرد أداة استثناء لتكون أهم وسائل التشتت والفرقة. وهي لفظة مرتبطة بالزمن -الماضي- لتجعله مسيطراً على الحاضر والمستقبل بشكل يبدو طبيعياً كعلاقة سببية تنقل تراكمات الماضي خاصة السلبية منها وأكثر خصوصية أنها تحاول نسيان الإيجابي لتعزيز ذريعة التضاد الكائن ومحو كل معاني التسامح الذي نسعى إليه جميعاً. أحاول هنا أن لا أتحدث عن مفردتّي " التسامح ولكن" بصيغة سياسية ولكن ارتباط الثقافة بالسياسة وثيق بغض النظر عن الجوانب الأدبية التي تمنح مفردة لكن زوايا أخرى لا تختلف كثيرا عن المعنى السياسي المؤدلج. ومع هذا فأنا أحاول إيصال هذا المفهوم بشتى الطرق لكل كاتب على ضرورة نسيان مفردة لكن ولو نسبياً والتركيز على هدف عام وأسمى يستطيع صهر كافة الأفكار والنظريات تحت مظلة واحدة وإلا فكيف يستطيع المواطن العادي تجاوز هذه المعضلة إن لم يتجاوزها المثقف. ربما تكون مظلة الوطن وأمنه ومصلحته الأنسب لتفعيل مفهوم التسامح وأتمنى أن لا يستخدم القارئ أو التيارات السياسية والطائفية مفردة لكن لربط أيدلوجيا بعض الفرق بمنابعها خارج إطار الوطن وبعيدا عن فلسفته لأن الأفكار والفلسفات يمكنها أن تدخل في بوتقة الهوية اليمنية وتتيمنن وتصبح تابعة لنفس البلد شريطة أن تكون المصلحة العليا دائماً للوطن.
أريد أن أوجه كلامي هذا للأديب شاعرا كان أو قاصا أو روائيا أو فنانا أنه لا تنقصنا النظريات الإنسانية التي تتكلم عن الحب والرحمة والتسامح ويكفينا أن نظهر ما لدينا وما يوجد بثقافتنا مما قد يغير أحوال اليمن للأفضل. فثقافتنا مكتظة بكل النظريات بنكهات دينية واجتماعية وتفرضها علينا العادات وكثير من العرف المتوارث بأسلوب تلقائي نكتسبه غالبا من محيطنا الحياتي. تعلمنا كيمنيين أننا أرق قلوبا وألين أفئدة وأخبرونا كثيرا عن ماضٍ تليدٍ مليء بنصرة المظلوم والتعايش والوفاء. علمونا أيضاً أننا من أكثر الشعوب كرماً وأجودها ترحيبا بالضيف وأعظمها سخاءً. كل ذلك تعلمناه من أجدادنا الذين ينظر إليهم البعض كتابعين لمجتمع رجعي متخلف ويحتاجون للتجديد ليتلاءموا مع مستجدات الحياة الحديثة. المشكل الذي يباغت عقولنا حاليا هو أننا رحبنا بكل شيء تقريبا من خلال الثقافات التي تتوارد علينا من كل حدبٍ وصوب حتى حاولت بعضها التغلغل في ثقافتنا وأثرت سلبا على نظرتنا لما نتبناه من مفاهيم. رغم مئات الإصدارات الأدبية والثقافية في بلدنا لم يتغير شيء بشكل ملحوظ وإلا وجدنا أنفسنا بعيدين عن الصراعات الثقافية وحتى الدموية. فقط مجرد إضافة لمفاهيم وشعارات لا تتعدى كونها إضافة مشاكسة لبعض ما نعتقد. هذا التضاد أصبح حالة يجب الاعتراف بها ما دمنا رحبنا سابقا بهذه الاضافات عن طريق الأحزاب السياسية وتنوع المذاهب. أعتقد أن كافة هذه التيارات لديها نفس المصطلح الخاص بالتسامح بأكثر من مفهوم وأكثر من نظرية: تقبل الرأي الأخر، تعدد الحريات الفكرية والسياسية. قبول الأخرين. وبالرغم من وجود هذه النظريات الا أننا في الواقع لا نراها قيد التطبيق. هي لا تتعدى مجرد كلمات يتلوها أحدنا في خطبه وكتاباته. التصادم الفكري أوجد صراعاً دامياً لن ينتهي الا ان تم تطبيق ما تحفظه هذه التيارات من المبادئ والمفاهيم التي تستخدم أثناء عمل الدعايات الانتخابية والخطب المنبرية أو المحاضرات السياسية بعيداً عن المصالح الشخصية والأيدولوجيات الفكرية التي لا تخدم الوطن. ربما كلمة التسامح نفسها هي المشكلة لأنها صارت ذريعة الجميع حين يقوم تيار باتهام بقية التيارات بكونها متطرفة وغير قابلة للتفاهم والانسجام الوطني والتعايش الاجتماعي. الجميع يتحلى باستخدام هذه المفردة والجميع يعلم يقيناً أن تطبيقها هو الحل الأنسب. العقدة دائما مرتبطة في كلمة (لكن). وحتى المثقفون أنفسهم حين يكتبون يخضعون لتلك الأفكار كضحايا للأيدولوجيات مثلهم مثل غيرهم لأسباب عديدة يكون تحديدها بكلمات الانتماء السياسي والطائفي ويمكن إضافة كلمة المناطقية للبعض مهما وصل مستوى ثقافتهم. المثقف وغيره يستخدمون كلمة لكن للتملص من مسئولية استخدامهم لنظرية التسامح لإلقاء اللوم على البقية لكني هنا سأحاول استخدمها لبيان أنها الكلمة القاصمة لكسر وإلغاء أي تفاهم أو اتفاق أو بداية تسامح. ومن خلال ملاحظة الأحداث الأخيرة فهذه الكلمة تكون بداية الاحتقان المتجدد وتزايد جدار التضاد المُنتج للكراهية مجدداً وبداية الصراع الذي يقود للعنف الدموي كما حدث ومازال يحدث في الساحة مع صمت لا نعلم سبباً له من قبل الأدباء والمثقفين , ربما لأنهم جزء من الصراع بسبب ميولاتهم المؤدلجة أو لعدم قدرتهم على إيصال أصواتهم للساسة الذين يتحكمون بمصير الجميع.
ما سبق يبين لنا أن كلمة (لكن) انتقلت من مجرد أداة استثناء لتكون أهم وسائل التشتت والفرقة. وهي لفظة مرتبطة بالزمن -الماضي- لتجعله مسيطراً على الحاضر والمستقبل بشكل يبدو طبيعياً كعلاقة سببية تنقل تراكمات الماضي خاصة السلبية منها وأكثر خصوصية أنها تحاول نسيان الإيجابي لتعزيز ذريعة التضاد الكائن ومحو كل معاني التسامح الذي نسعى إليه جميعاً. أحاول هنا أن لا أتحدث عن مفردتّي " التسامح ولكن" بصيغة سياسية ولكن ارتباط الثقافة بالسياسة وثيق بغض النظر عن الجوانب الأدبية التي تمنح مفردة لكن زوايا أخرى لا تختلف كثيرا عن المعنى السياسي المؤدلج. ومع هذا فأنا أحاول إيصال هذا المفهوم بشتى الطرق لكل كاتب على ضرورة نسيان مفردة لكن ولو نسبياً والتركيز على هدف عام وأسمى يستطيع صهر كافة الأفكار والنظريات تحت مظلة واحدة وإلا فكيف يستطيع المواطن العادي تجاوز هذه المعضلة إن لم يتجاوزها المثقف. ربما تكون مظلة الوطن وأمنه ومصلحته الأنسب لتفعيل مفهوم التسامح وأتمنى أن لا يستخدم القارئ أو التيارات السياسية والطائفية مفردة لكن لربط أيدلوجيا بعض الفرق بمنابعها خارج إطار الوطن وبعيدا عن فلسفته لأن الأفكار والفلسفات يمكنها أن تدخل في بوتقة الهوية اليمنية وتتيمنن وتصبح تابعة لنفس البلد شريطة أن تكون المصلحة العليا دائماً للوطن.
(صحيفة الثورة ليوم الاثنين 2-2-2015م)