...
قرار واشنطن ولندن وباريس وروما والمفوضية الأوروبية بإغلاق سفاراتها في صنعاء يدعو للقلق والتساؤل، لماذا الآن؟ وهل كان ذلك كما يقولون لدواع أمنية أم هناك أسباب أخرى لا يعلمها أحد -
قرار واشنطن ولندن وباريس وروما والمفوضية الأوروبية بإغلاق سفاراتها في صنعاء يدعو للقلق والتساؤل، لماذا الآن؟ وهل كان ذلك كما يقولون لدواع أمنية أم هناك أسباب أخرى لا يعلمها أحد تتعلق بالدور الأمريكي والأوروبي في الأزمة الحالية وحالة الانسداد التي يعيشها اليمن ؟ أم ماذا ...؟!
قرار إغلاق السفارات المفاجئ يدعو للقلق،والريبة أيضاً خصوصا وان الدول التي اتخذت هذا الإجراء هي من الدول الراعية للعملية الانتقالية في اليمن والداعمة لمخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة والمفاوضات الجارية حاليا بإشراف المبعوث الأممي جمال بنعمر بين المكونات السياسية ..فهل تغيرت رؤية الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية لما يحدث في اليمن على سبيل المثال؟! أم أن هذه الدول باتت ترى أن اليمن ينزلق نحو فاصل خطير ولا تريد أن تكون شاهدا على كوارثه الإنسانية ؟! ما يدعو للغرابة حقاً أن تغلق هذه السفارات مع أنها التي تبدو متأكدة أن أحدا من الأطراف المتصارعة يستهدفها وان علاقاتها مع جميع الإطراف بما في ذلك جماعة أنصار الله ودية واتصالاتها لم تنقطع مع كافة الأطراف خلال الفترات الماضية وتشهد اليمن كلها على أن هذه السفارات ورغم تدخلها الواضح في الشأن اليمني ظلت بعيدة من أي رد فعل شعبي غاضب من سياساتها وغير ذلك فهل هنالك من تفسير لقيام الإدارة الأمريكية بإغلاق سفارتها بصنعاء في ما هي التي تستثني من هذا القرار كما جاء في بيان خارجيتها قبل ساعات سحب العناصر العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية المتواجدة في اليمن حيث وان استثناء العسكريين يوحي من أننا أمام حالة من حالات عالم الألغاز السياسية ..
ما نفهمه من التجارب السابقة في قرارات إغلاق السفارات الأمريكية والأوروبية في أي بلد وشعور هذه السفارات بمخاطر تستهدفها بعد أن تكون قد حصلت على معلومات دقيقة عن وجود جهات ما تنوي تفجير مقراتها أو خطف دبلوماسييها أو النيل من رعاياها داخل ذلك البلد وذلك مالم تشر إليه البلدان التي قامت بإغلاق سفاراتها في صنعاء بما يجعلني أعتقد أن السبب في هذا الإجراء لا يتعلق بالمخاوف الأمنية أو حتى بعبور الانسداد الحاصل في مفاوضات الفرقاء في الموفنبيك أو بالاحتجاجات على ( الإعلان الدستوري ) بل إن الأمر يتعلق بمعلومات لدى هذه السفارات من أن اليمن مقبلة على أحداث وتصعيد ومن الجسارة بما يصعب السيطرة عليه، والشعور بمثل هذا الهاجس يجد صداه في الصحافة الغربية عموما التي طالما رجحت انزلاق اليمن إلى مستنقع العنف على غرار حروب الشوارع التي تشهدها بعض المدن الليبية وهو احتمال وارد إذا ما أدركنا أن اليمن أصبحت ساحة مفتوحة لأجهزة مخابرات دولية وإقليمية عديدة والتي لاشك أن من بينها من يعمل على بث سموم الفتنة والقلاقل والاضطرابات في هذا البلد سعيا إلى تمزيقه وتفتيته بأياد يمنية بحيث نرى كل إقليم يسعى إلى الاستقلال بأجزاء من الدولة خصوصا وأن هناك من يسعى اليوم جهلا أو دون علم إلى إحياء وبعث النوازع الجهوية من خلال الدعوة إلى فك الارتباط مع مركز الدولة وعاصمتها صنعاء دون إدراك أننا إذا ما دخلنا في مسلسل تقسيم اليمن بمعزل عن أية ضوابط أو رؤية وطنية أو استيعاب لحساسية اللحظة الراهنة فإننا لن نخرج منه إلا بعد أن يكون اليمن تمزق إلى أشلاء وطوائف وقبائل وأفخاذ تتقاتل على الحدود ومنابع الماء قبل أن تنتحر فوق منابع النفط .
قرار إغلاق السفارات الأمريكية والأوروبية في صنعاء في مثل هذه الأجواء السياسية الملتهبة يجعلنا نقلق ونخشى من إشارة بدء موجات عنف وفتنة داخلية تغذيها العصبويات المناطقية أو المذهبية أو الجهوية أو الطائفية وبالذات ونحن نعلم أن هناك من يحضر لإشعال مشروع الفتنة الكبرى في المنطقة بهدف تفتيت الدول العربية واحدة بعد أخرى وأن ما يظهر اليوم في اليمن ليس سوى قمة الجبل في هذا المخطط الكريه .. فهل نعي كيمنيين أبعاد ما يراد لنا ؟ أم أننا كمن يسعى للخروج من الحفرة ليهوي في بئر عميق ومظلم ؟!
صحيفة الثورة