عن كثب/
الكتابة بمختلف أجناسها الأدبية بحاجة ضرورية للفعل النقدي الذي يعطي النص سلطة الخطاب المؤثر في الوعي، والارتقاء به من مستوى التواصل اللغوي إلى درجة التأثير الفكري، حيث يجب أن يكون النقد الأدبي تلك الريشة التي ترسم خارطة الطريق نحو تقديم النص النوعي الذي يعيد صياغة وعي المجتمع بما يكتنز من المضامين المركزة، فالقليل من النقد .. الكثير من نضج النص، وهنا يمكنني أن ألخص بعض الفوائد النقدية وكيفية الكتابة وفق تطورات التفكير والاستيعاب يقول علماء المعرفة : إن الأداة الرئيسية للدخول في الدراسات الإنسانية هي الفهم ، والموضوع أو المشروع الوحيد لتلك الدراسات هو التعبير .. والتعبير الذي يقصده فلاسفة اللغة وعلماؤها هو النظام اللغوي فوق المألوف الذي يقترب بالفرد من أكبر قدر من الوعي بحسب قدرة ذلك النظام على اختراق الطاقات الذهنية للعقل . لقد أكد الكثير من دارسي اللغة أن التعبير بقدر دقته السياقية وإمكانياته في التحول من التجريد إلى التصوير الذي يلمسه الخيال .. بقدر ما يخلق نضج الوعي لدى المتلقي والتفوق الاستيعابي، فلو كان التعبير بمستوى تخاطبي واحد وسطحي، وغير ذي جدوى من الاهتمام لكان مستوى الفهم الإنساني سطحي ومبتذل، وكذا لاستغنينا بلغة الإشارات والرسم التصويري في التواصل عن اللغة الكلامية مادامت الأولى تفي بالغرض . إذا لم يكن للكلمة أثرٌ بنيوي ينبثق عنه معنى يتوالد في حدس المتلقي فإنه لا داعي لوجود تلك الكلمة في القالب النمطي للخطاب النصي ، بمعنى أنه يجب أن تشغل كل كلمة في النص حيزا˝ دلاليا˝، وأن تشكل توازنا˝ في اتساق المعنى الذي يحفظ للفكرة حق الاتساع الدلالي والانطلاق في أكثر من فضاء تأويلي بحيث يكون للكلمة المفردة وجود" فعال" إن استبدلت° بسواها تركت° فراغا˝ داخل النص . يجب أن يكون هناك تعالق وترابط بين جميع المستويات اللغوية للنص مثل المستوى الدلالي والتركيب اللغوي والصوتي والنفسي ....... وغير ذلك ، فالدلالة تحتاج إلى لغة أكثر تقريبية في تفسير الحالة الشعورية للكاتب، واللغة بتراكيبها تحمل موسيقى داخلية تتناسب مع الوضع النفسي حزنا˝ أو فرحا˝ أو شوقا˝، وبهذا يستطيع النص بترابط مستوياته أن يتخلق من جديد لدي المتلقي . عندما يكتب الشاعر عليه أن يكون مدركاً بأنه يكتب لذلك المتلقي أو القارئ العميق الذي يتدخل في خلق القصيدة حيث إن كل الاتجاهات والنظريات النقدية تتفق في مشاركة المتلقي في عملية التواصل الجمالي .