GuidePedia



عن كثب/

«اضطربت دقات القلب.. ثم أبطأت.. وتوقفت الحياة الساعة الرابعة وثلاثين دقيقة»، ذلك الوصف اعتلى صفحة جريدة الأهرام، في الرابع من فبراير عام 1975، وجاء فوقه بالبنط العريض «ماتت أم كلثوم»، كان ذلك في اليوم التالي لوفاتها في المستشفى، بعد صراعٍ طويلٍ مع المرض.
الأمر بدأ قبل ذلك بحوالي 4 عقود، فأزمة «ثومة» الصحية بدأت تطاردها منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وكانت البداية بمشاكل في الكبد والمرارة أطرحتها الفراش عام 1937، وكانت وصية الأطباء، أن تقضي فترة علاج بأحد البلدان التي تحتوي على المياه المعدنية، لكن الأمر تأزم بمشاكل في الغدة الدرقية عام 1946، جعلتها تفكر جديًا في التقاعد.
داهمتها الأزمة مرة أخرى في 1971، بالتهاب في المرارة جعلها تؤجل حفلاتها، لكن الكلى أبت إلا أن تٌلغي جميع حفلاتها بعد إصابتها الشديدة بها. كانت أم كلثوم في حيرة من أمرها طوال مشوار مرضها، فكانت بين آلام المرض المُبرحة، والأعراض الجانبية للعلاج على صوتها، مما جعلها تعاني اكتئابًا شديدًا طوال هذه الفترة.
بلغت الأزمة أقصاها في يناير 1975، وأدخلت آلام الكلية «ثومة» المستشفى، وتابعت الصحافة حالتها يوميًا، حتى أن صحيفة «الأهرام» أفردت لها ملحقًا يوميًا خاصًا لمتابعة حالتها الصحية.
كانت حالة أم كلثوم تسوء في العناية المركزة بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي، حالة سيئة لدرجة أن أخبارًا نُشرت عن وفاتها، لكن وزير الإعلام نشر اعتذارا عن ذلك نافيًا الخبر، لكن حالة «ثومة» كانت لا تُنذر بتحسن، فقد قضت أول ليلة في شهر فبراير في صراع مع الموت، وكانت أصيبت بجلطة مخية نتيجة ارتفاع ضغط الدم، أفقدت المخ معظم وظائفه الحيوية، مما أدخلها في غيبوبة، وقال الأطباء أن إصابة المخ غير قابلة للتدخل بسبب حساسية مكانها، وتذبذب ضغط دمها صعودًا وهبوطًا في حالة وصفها الطبيب بأنها «شيئًا لا يطمئن».

بدأ قلب أم كلثوم يضطرب في اليوم التالي، اضطراب أفضى إلى أزمة قلبية، المشهد كان فوضويًا كتلك الخطوط على شاشة قياس ضربات القلب، الأطباء يهرعون، أحدهم يدلك قلب ثومة بعنف، كأنما يستعطفه أن يعود للخفقان، وآخر يتابع جهاز التنفس، وينفخ في جسد أم كلثوم الأكسجين بغزارة، واحتدم الأمر إلى حقنة في القلب لحثه على النبض، لكن كما تُغني هي «بالحب وحده أنا سلمت قلبي إليك»، فهي هنا كانت قد أسلمته إلى بارئها، وتحولت تلك الفوضى على شاشة دقات القلب إلى انتظام تام في خطٍ مستقيم، ليخفق قلب «ثومة» خفقته الأخيرة في الرابعة والنصف عصر الإثنين، الثالث من فبراير عام 1975.
كان موكب جنازة أم كلثوم سيخرج من مسجد عمر مكرم، وكان الأمر مرتب ومنظم، لكن أثناء طريقه بشارع طلعت حرب، إذ تفيض الشوارع بسيل من البشر تناولوا جثمان «ثومة» واحدًا تلو الآخر متحدين أي تنظيم، أو تخطيط مسبق، وأعدوا هم تنظيمهم الخاص في طريقٍ استغرق 3 ساعاتٍ حتى مسجد الحسين، مسجد أم كلثوم المفضل، كأنما أرادوا لروح «ثومة» أن تخرج من مكانٍ أحبته.

المصدر " المصري اليوم "

Facebook Comments APPID

 
Top