عن كثب/متابعات....
أربعة ملفات على الطاولة السياسية، ساهمت بشكل أو بآخر في إحداث نوع من التباين في وجهات النظر بين مصر والجزائر، رغم قوة العلاقة بين البلدين، والانطلاقة التي شهدتها منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي، سدة الحكم، غير إن الخلافات من وراء الستار، قد تنذر بما لا يحمد عقباه.
تحرص كل من مصر والجزائر على عدم إعلان الخلافات، حفاظاً على المصالح المشتركة بينهما، وفقًا لرأي عدد من خبراء الشأن السياسي، محذرين من خطورة اتساع الفجوة بين الطرفين، ما سيؤدي إلى ظهور الخلافات في العلن.
"الملف الليبي.. عاصفة الحزم.. أمانة جامعة الدول العربية.. الإسلام السياسي".. جملة من الملفات التي أظهرت اختلاف وجهات النظر بين مصر والجزائر.
وقال طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن “العلاقة بين القاهرة والجزائر تشهد اختلافات في وجهات النظر في مجموعة من الملفات، يأتي الملف الليبي في مقدمتها، وعلى الرغم من التنسيق بين البلدين اليوم، لكن هناك اعتراضات وتحفظات على شكل التدخل المصري في ليبيا، وعكس ذلك عزوف الجزائر عن حضور بعض جلسات الحوار أو المشاركة المترددة.
وأضاف فهمي: "الملف الثاني هو اليمن، حيث ترى الجزائر أن الحل السياسي، هو الأفضل وترفض التدخل العسكري، وترى أيضًا أن كل ما تقوله السعودية لا يجب الموافقة عليه، وكان يجب على مصر عدم التدخل في هذه الأزمة".
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن "هذه الاختلافات في الرؤى جعلت العلاقات تتسم بالبرود، لكن هناك حرصًا من القيادات السياسية في البلدين على عدم الإفصاح عن مجالات الخلاف بشكل علني"، مؤكدًا أن "استمرار هذه الاختلافات بهذه الصورة سيكون له تأثير مباشر على العلاقات بين البلدين".
وأشار إلى أن "القيادات في البلدين حريصة على استمرار التعاون الأمني والمعلوماتي والاستخباراتي في مجال مكافحة الإرهاب، وربما تكون الأزمة الليبية هي ترمومتر العلاقات بين البلدين، خاصة أن مصر والجزائر الراعي الرسمي للأزمة الليبية"، مؤكدًا أن "الصدام لن يتم".
وأكد الحرص على تطويق الأزمة، لكن إذا خرجت التقييمات الاستراتيجية بين البلدين على المتوقع، ربما تظهر الأزمة للعلن، وحتى الآن العلاقات منضبطة ولها ضوابط تحكمها وحرص على ألا تكون الأزمة مفتوحة، لكن ربما يقع الصدام في المرحلة المقبلة.
ولفت حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن "هناك تباينًا بين الجانبين المصري والجزائري، حول كيفية معالجة الأزمات وأهمها الأزمة الليبية. فالجزائر تعتقد أن الحل السياسي ممكن، فيما تعترض مصر على إدراج جماعة الإخوان في ليبيا ضمن خطوات الحل؛ لأنها تعتقد أنهم متحالفون مع جماعات إرهابية متطرفة ومع تنظيم داعش".
وأضاف حسن "ملف اليمن سبَّب هو الآخر خلافًا بين الجانبين، فالجزائر بعيدة كل البعد عن اليمن ولا تعطيها أولوية حاسمة، وتعتقد أن المنوط بها ذلك، هي دول مجلس التعاون الخليجي، وتمثل ليبيا لها القضية الأهم لأنها إحدى دول الجوار".
واستبعد نافعة أن تؤثر هذه الخلافات بشكل كبير على طبيعة العلاقات بين البلدين، فيجب أن تحرص مصر على الإبقاء على الجسور مفتوحة مع كل الدول، خاصة الدول العربية لإيجاد تسوية للازمات المشتعلة في العالم العربي.
وأشار جمال بيومي، الدبلوماسي المصري السابق، إلى أن التباين في وجهات النظر بين مصر والجزائر لم يظهر على السطح بعد، ويجب ألا ننسى أن نائب الأمين العام للجامعة العربية جزائري، ولا يوجد تصريحات تنم على صحة هذا الحديث، وإنما ما يحدث مجرد تحليلات.
وأكد جمال أن "الجزائر بلد مهم في العلاقات الخارجية، وما يحدث من خلافات تدور الآن، ينم عن تقصير مصري لإهمال الجزائر لسنوات طوال، تحت اعتقاد أن مصر ساهمت في استقلال الجزائر، بالتالي هي مدينة لمصر، إلى أن تباعدت المسافة بشكل ما".
وأوضح بيومي أنه "يجب أن تعطي مصر ملف الجزائر أهمية كبيرة جدًا، نظرًا لتشابه ظروفها بمصر، خاصة في مواجهة إرهاب الجماعات المتأسلمة، منوها بأن السوق الجزائرية تمثل منجم ذهب لمصر، لأنها تستورد من الإبرة للصاروخ، في حال اهتمامنا به ودعمها سياسيا.
وشدد على ضرورة استيعاب الجزائر، وإدارة حوار سياسي معها على حدة، وأن تكثر مصر من الزيارات لها على مستوى الخارجية والدبلوماسية المصرية، وإقناعها بأن ما يحدث الآن سواء في اليمن أو ليبيا محاولة للقضاء على الإرهاب، الذي عانت مصر سابقا مع المتطرفين الإسلاميين، بالتالي لا مبرر لاختلاف المصالح.
وعن الملف الليبي، قال بيومي "الجزائر لها حدود مشتركة مع ليبيا، وإذا اشتعل التطرف فأول من سيتأثر بذلك هي الجزائر".