...حين عزم أبرهة الأشرم هدم بيت الله الحرام الذي يقدسه العرب رغم وثنيتهم حينها كان مزهواً بما يملكه من قوة جبارة ومعدات حربية فتاكة ومتطورة لم تكن بأيدي العرب في ذلك الزمان.
الفارق الكبير بين قوات أبرهة وإمكانيات عرب اليمن وبادية نجد والحجاز لم تمنعهم من محاولة التصدي لهذا الصلف الحبشي ورأى بعضهم ضرورة المقاومة والدفاع عن الكعبة وكان أن تصدوا لكنهم هزموا وقتل وأسر منهم الكثير غير أن جميع العرب دون استثناء اتفقوا على عدم إبداء أي تعاون مع ذلك الجيش المعتدي وفيله الضخم وبالفعل عمي أبرهة ولم يجد دليلاً واحداً يرشده إلى الطريق المؤدية إلى بيت الله الحرام ووجد ذلك الجيش الجرار نفسه يتخبط في الصحراء دون دليل أو معين من أبناء تلك القبائل التي سكنت تلك الديار الأصيلة والتي أصبحت تسمى اليوم مجبرة باسم أسرة سعود وبينما كان ذلك الجيش على هذه الحالة من الحيرة والتوهان أنبرى رجل من الطائف يدعى أبو رغال ليتطوع في أداء دور الدليل الأمين وامتطى ناقته وقصد الجيش التائه عارضاً خدمته الجليلة لابرهة بشرط بسيط ومصلحة ضيقة تتمثل في ضمان ابقاء أبرهة على صنم الطائف دون هدم.
وبالفعل انطلقت جحافل الجيش صوب مكة يتقدمهم العربي الخائن أبو رغال الذي وافاه الأجل على مشارف مكة وقبل ان تحدث معجزة الطير الابابيل حيث تم دفنه في قبر معلوم والذي صار مع تقادم الزمن مزاراً لكل من يريد أن يلقي اللعنة على خائن لقومه ودينه فكانت لعنة أبي رغال من الأحداث التي سجلها التاريخ ولا زالت ترددها الأمم والشعوب جيلاً بعد جيل.
واليوم فإن هذا التاريخ يعيد نفسه مع اختلاف بسيط في الأدوار والشخصيات فنظام سعود المتخم بثروة هائلة أصيب بالغرور والصلف فحرك جبروته وآلة موته الفتاكة لقتل أطفال ونساء وشيوخ وشباب أبناء اليمن دون ذنب أو جريرة اقترفها هذا الشعب المسلم الصابر المحتسب إلاَّ أنهم أرادوا الانعتاق من وصاية هذا النظام الفاسد الأرعن.
وإذا بنظام سعود يستعرض على هذا الشعب الأعزل عضلاته وبطولاته متخذاً من وراء السحاب مكاناً آمنا لطائرات العدوان ترسل صواريخها وقذائفها في الليل والنهار وعند كل صلاة إلى بيوت الأبرياء لتحصد أرواح الصغار والكبار ولم يكتف مغاوير وبواسل سعود بهذه الامكانيات الحربية الهائلة التي حصل عليها بما له المدنس من قبل حلفائه اليهود والصهاينة فراح ينثر أمواله الحرام لمختلف بلدان العالم وتأليبهم على المشاركة في هذا العدوان .. وها هو ذلك المسخ الذي أريد له أن يكون ناطقاً باسم العدوان يظهر على شاشات التلفزة مع كل مساء مزهوا منفوخ الأوداج ونافش الريش يستعرض بطولات وعنتريات آل سعود وما تخلفه طائراته الغازية الجبانة من انتصارات من خلال إزهاق المزيد من أرواح المدنيين الأبرياء وتدمير مقدرات الشعب ومنشآته الحيوية والإنسانية لكنه يكذب ويكذب ويمعن في ذلك الكذب المفضوح التضليل الممجوج والاستماته لمواراة سوءات العدوان بالقول بان كل ما تستهدفه الطائرات ليست سوى ثكنات لجماعة الحوثي ومليشيات صالح وهي الأكاذيب التي ترددها وتروج لها أمبراطوريات الإعلام المملوكة لنظام سعود الفاسد مع أن الحقائق على الأرض تقول وبكل لغات العالم بأن كل من يسقط بصواريخ العدوان ليس سوى الأبرياء والمدنيين من أبناء الشعب اليمني.
غير أن الأدهى والأمر من كل ذلك أن ينبري يمنيون ينتمون إلى هذا الوطن المثخن بجراح القريب والبعيد ليؤدوا دور أبي رغال وها هم قد توزعوا في الداخل والخارج مدفوعين بأموال سعود المدنسة ينبحون في القنوات يبررون ويباركون هذا العدوان الذي صار يستهدف كل ما ينبض بالحياة على أرض اليمن ولم تسلم منه حتى بيوت الله انتقاماً وحقداً على ما يبدو من شعب اليمن الذي خصهم الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام بأكثر من أربعين حديثاً نبوياً تمجدهم وتشيد بإيمانهم ومناقبهم الحميدة.
ولعل أحفاد أبي رغال يطمعون مقابل هذه الخيانة أن ينالوا رضا نظام آل سعود فيجعلهم حكاماً على اليمن متناسين ما حل بجدهم الأكبر أبو رغال الذي لم ينل نظير خيانته قومه وشعبه ودينه غير اللعنات تطارده منذ ألف وخمسمائة سنة وستظل كذلك إلى أن يشاء الله وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.
"يوميات صحيفة الثورة 13/4/2015"