GuidePedia



الأجدر/...

في ظل استمرار التضييق على حرية التعبير في السعودية تحول تويتر إلى فضاء عام للنقاش، غير أن تبعيات ذلك كانت وخيمة على بعض مستخدمي هذا الموقع خاصة بالنسبة للناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق المرأة.
يحظى موقع التواصل الاجتماعي تويتر بإقبال كبير في السعودية إذ مازال السعوديون يتصدرون قائمة مستخدمي هذا الموقع في العالم بنسبة 41 في المائة، متفوقين بذلك على الأمريكيين والصينيين، حسب دراسة أجراها قسم الإحصاء في موقع "بزنس إنسايدر".
وجاءت أندونيسيا والفلبين في المرتبتين الثانية والثالثة بنسب متقاربة، بينما عادت المرتبة الرابعة إلى جنوب إفريقيا حسب المصدر نفسه. تويتر في السعودية لم يعد مجرد موقع للتواصل الاجتماعي بل منبرا لمختلف الفئات الاجتماعية وتناقضاتها في البلد، كما أصبح متنفسا وفرصة بالنسبة للكثيرين لطرح أفكار وقضايا تهم الموانين السعوديين من خلال النقاش المفتوح. وقد أدت بعض الأفكار والمبادرات المطروحة على هذا الموقع بأصحابها إلى السجون.

مرآة للمجتمع السعودي
يبلغ عدد مستخدمي تويتر في السعودية -وفق الدراسة- 4.8 ملايين مستخدم، وفي الإمارات التي احتلت المرتبة الثانية عربيا 1.7 مليون مستخدم. وأشارت دراسة متخصصة إلى أن السعوديين والمقيمين في السعودية بشكل عام يغردون بمعدل 150 مليون مرة شهرياً، وأضافت الدراسة التي أنجزتها شركة للتسويق الإلكتروني أن أربعة من كل 10 مستخدمين للإنترنت في هذا البلد يملكون حسابا في موقع تويتر.
نجاح تويتر في السعودية شكل بدوره موضوع نقاش على هذا الموقع إذ شارك عدد كبير من المستخدمين بآرائهم تحت وسم #لماذا_نجح_التويتر_في_السعودية، فقال أحد المغردين واسمه د.كساب العتيبي في جوابه على هذا السؤال: "لأن المواطن بدأ يسأل بشجاعة: أين حقي من الثروة؟ أين كرامتي؟ أين حقوقي السياسية؟ أين مقدرات ميزانية وطني؟". بينما علق غزاي المطيري قائلا" لأنه كشف الكثير عن تظليل الإعلام المسؤول!" أما صقر العرب فقال إن السبب هو "سرعة الخبر في وقته ومصداقية الخبر بعيدا عن نفاق الجرائد والتلفزيون وأيضا بسبب وجود المشاهير عليه...". وتعزو الأكاديمية والكاتبة السعودية الدكتورة هتون أجواد الفاسي سبب شعبية تويتر في السعودية إلى أنه ظهر في بيئة ليس فيها أي فضاء أو متنفس للتواصل أو الحوار دون قيود أو حدود. وتضيف الحقوقية السعودية في حوار مع DWعربية "تويتر أصبح، بشكل ما، مرآة للمجتمع السعودي. فقد أصبح كل فرد في المجتمع يعبر بشكل سهل وحر عن رأيه في عدد من القضايا".
وتعرف مواقع التواصل الاجتماعي في البلدان العربية إقبالا كبيرا منذ اندلاع ما سمي بثورات الربيع العربي، وبينما يحظى موقع فيسبوك بنصيب الأسد في المتابعة بدول عربية أخرى، يهيمن تويتر في السعودية بسبب توفره على ميزات إضافية كما تقول الفاسي وهي إمكانية "ريتيوت" ومتابعة آلاف الأشخاص وإضافة عدد لا محدود من الأصدقاء وهو ما يتيح إمكانية نشر الأفكار والمبادرات على نطاق أوسع مما يوفره فيسبوك.

"مبايعة إلكترونية"
ويجد عدد من الناشطين السعوديين أنفسهم اليوم في السجون السعودية، حيث توجه إليهم تهم قوية فقط لأنهم عبروا عن رأيهم السياسي أو طالبوا بإصلاحات على موقع تويتر. ومن جهة أخرى تحول هذا الموقع إلى منبر لمبايعة العاهل السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز إذ غرد سعوديون بوسوم من قبيل "نبايعكم على السمع والطاعة" و"الشعب يبايع الملك سلمان ونائبيه" وهو ما اعتبره البعض أول "مبايعة إلكترونية" لملك سعودي خاصة أن الأخير هو أيضا أول ملك وقائد خليجي يملك حسابا رسميا في موقع تويتر. وبحسب الهتون فإن موقع تويتر منبر للجميع، وكل فئة في السعودية تحاول توظيفه لصالحها بدءا من العائلة المالكة إلى المعارضين والناشطين السياسيين ومرورا برجال الدين وحتى الجماعات الإرهابية تستخدم تويتر لنشر خطابها.
لكن الفرق يتجلى في التضييق الذي يمارس على المعارضين للنظام. وتقول الهتون في هذا السياق "صحيح أن تويتر شكل منبرا للتعبير عن آرائنا، لكن الحرية التي يتيحها جعل البعض يتجاوز حدوده فيعتدي على آخرين بالسب والقذف والتهديدات وهو ما أصبح معه ضروريا وجود مراقبة. وصدر قانون الجرائم الإلكترونية لكنه للأسف أصبح يستخدم أيضا لممارسة الرقابة والتضييق على الآراء الحرة المطالبة بالإصلاحات".
ما موقع المرأة السعودية؟
وتضيف الهتون أن ما تعرض له نشطاء سعوديون من اعتقالات وعقوبات وعلى رأسهم الناشط رائف بدوي لم يدفع بالناس للتخلي عن التعبير عن رأيهم على تويتر، بل على العكس: "لقد انتشر مثلا فيديو جلد رائف بشكل كبير جدا على تويتر داخل وخارج السعودية وتناقلته وسائل الإعلام العالمية، ثم تحركت السياسة لتضطر السلطات إلى وقف جلده".
وتعتبر الخبير ة السعودية أن هناك استهانة من قبل السلطات السعودية بتأثير تويتر داخل المجتمع السعودي رغم انتشاره الكبير "لا يأخذون تويتر على محمل الجد وليسوا واعيين بأنه قادر على تغيير موازين القوى محليا وإقليميا، فيكفي وجود فيديو أو صورة على تويتر لإزاحة مسؤول من منصبه، كما إن السعودية في حاجة إلى تحسين صورتها في وقت تهاجم فيه على جلد رائف بدوي والمشاركة في نفس الوقت في مسيرة باريس ضد الإرهاب".
وللمرأة السعودية أيضا نصيب على تويتر فقد استغلت هذه المنصة لتناول قضية حقوق النساء التي تواجه بسببه السعودية انتقادات شديدة، ويحظى موضوع منع المرأة من قيادة السيارة باهتمام كبير، فقد استجابت نساء سعوديات لنداء تحدي حظر قيادة السيارات ونشرن صوراً لأنفسهن خلف مقود السيارة في السعودية، وتوبعت المبادرة بشكل كبير على تويتر وعلى مواقع اجتماعية أخرى. وتقول الهتون إن تويتر شكل منبرا للمرأة السعودية لإيصال مشاكلها وقضاياها، أما عن محاولات استبعاد السعوديات من تويتر فتقول الناشطة السعودية: "هذا كلام بعيد عن الجدية. الأمر كان عبارة عن هاشتاغ مثير، لقي المتابعة ودار النقاش حول مشاركة المرأة السعودية على تويتر.هذا النوع من النقاشات يعود إلى وجود رجال في السعودية يتجلى همهم الوحيد في الهوس وما تقوم به المرأة من تحركات ونشاطات" .
المصدر DWعربية

Facebook Comments APPID

 
Top