...
حتى كتابة هذا المقال ليس معروفاً إن كان الرئيس هادي سيتراجع عن استقالته أم لا، ما سيفرض تساؤلات محددة خلال الساعات القادمة تتعلق بأسباب عدول هادي عن الاستقالة أو العكس!
على أن الأسئلة ظلت تترى خلال اليومين الماضيين دون توصل إلى إجابة شافية، فبعد أن كان التفاؤل بالإنفراج السياسي قد صبغ المشهد السياسي اليمني لساعات محدودة، سرعان ما جاء الإعلان عن استقالة الرئيس هادي وحكومة بحاح لتبدد أجواء الانفراج، وتدفع بمسار العملية السياسية إلى انسداد تلاه تداعيات بسيناريوهات إعلامية تستهدف تمزيق النسيج الاجتماعي للبلد وإثارة المناطقية العنصرية، وإطلاق العنان للهويات الصغرى هنا وهناك.
الرئيس هادي وفي موقف لا يحسد عليه بدا خلال الأيام الماضية مخذولا من كل الأطراف السياسية، ومن الجيش، ما جعل إعلان استقالته نتيجة حتمية ومتأخرة في آن.
لكن للإنصاف، فقد اتضح أن الرجل على ضعفه شكل حتى الآن صمام أمان للوحدة ولاستقرار العملية السياسية الهشة، ولعله أدرك قوة موقفه في هذه النقطة فرفع كرت الاستقالة بهدف الضغط على القوى السياسية ومحاصرة الحصار الذي وقع فيه.
لعله بهذا حشر أنصار الله في الزاوية كما يرى البعض، لكن من قال أن الضغوط على هادي هي من أنصار الله أصلاً؟ فإذا عزلنا تطورات التصعيد في الأيام الأخيرة، سنجد أن ثمة قوى دأبت على تخوين هادي، وطالبته بالاستقالة، بل وثمة من اقترح عليه نقل العاصمة إلى عدن أو إلى مأرب، ولمآرب معروفة سلفاً.
الجانب الدولي الذي ركن إليه هادي دوماً لم يسعفه بدعم اقتصادي عاجل حين كانت أزمة الجرعة السعرية على أشدها، وبعد أن حاول البعض استثمار الملف الاقتصادي كسلاح في وجه أنصار الله والثورة الشعبية، بات واضحا أن أية انتكاسة اقتصادية ستكون على حساب رئاسة هادي وخطوات بقائه في السلطة عبر سيناريوهات التمديد!
عملية اختطاف أو توقيف مدير مكتب الرئيس الدكتور أحمد بن مبارك، كانت هي الأخرى ضمن الضغوطات التي دفعت هادي للاستقالة، خاصة أن التسجيلات التي نشرت على قناة المسيرة قد أثارت الشارع ضد هادي، وأسوأ من ذلك أن الرئيس شعر بخيانة أقرب الناس إليه. وتفاقمت حسرته عندما وجد أن ألوية الحماية الرئاسية التي تحرشت باللجان الشعبية لم تكن في مستوى مسئولية تأمين أهم مقر سيادي في البلاد.
لهذا كله كان من الطبيعي أن يستقيل الرئيس، لكن لم يكن مفهوماً، لماذا جاءت استقالته بشكل مفاجئ بعد أن استجاب لمطالب أنصار الله التي تضمنها خطاب السيد عبدالملك الحوثي مساء الثلاثاء الماضي..فمن أوعز لهادي بهذه الخطوة....؟