أجفل يا ملكَ الثلج
يا مانحَ الوقتِ والضوءِ لمن تحب
ياقوتةُ السماءِ المقدّسُ
أمنحتَ كانونَ حقَ العقاب
كانونُ بكرُ العام
يقصِمُ ظهرَ أزاهيرهِ من مهابتهِ
أيُّ المفاتيحِ أنتَ يا كانون ؟!
تفتحُ البحرَ على السماءِ
تُلبِس الأشجارَ لألاءَ عُريها
وأسمالَ أفقٍ يسفُّ الرّمادَ لأغصانكَ الناتئة
لطّخني ثوبُكَ الأبيضُمن يوقفُ زحفَ الجليدِ إلى قلبي ؟
وبيني وبينَكَ ارتخاءُ المسافةِ
تمهّل يانوسْ ؛
وأنت تدوسُ بعجلةِ السَّاعِ رمقَ العمرِ
في كانونَ أنت غيرُكَ
حزينُ كشجرةِ ميلادٍ عاريةٍ من الأضواء
يتطاولُ حزنُكَ المطاط ُ
كلبانٍ فقد حلاوتَهُ ولاكَكَ أكثرَ مرارة
أنت الخانعُ الهشُّ
تروغُ عن ذاتِكَ
ماذا يحدثُ حين تأنسُ للحزنِ
حين يكتبُكَ المطرُ شعراً طليقاً
و تكتبُني- بدمِ الطيرِ- فرحةُ الصّيادِ فيكَ
زقزقةً ... والصَّدى يبكي
سربُ الرؤوسِ معلقٌ فوقَ الجدارِ
إنتقِ واحداً آدميَّ المقام
دعْ وجهاً للمرآة
واحرق في الشمسِ وجوهاً أُخر
لكانونَ فكٌّ شرسٌ
ينزعُكَ عُنوةً من النهاية
من دفءِ التّعوّدِ
لبدايةٍ فيها انتهاؤكَ
حلّتْ عليكَ لعنَتُهُ
أوددتَ لو لم تُسَلِّم ؟
لو حكتَ من الياسمينِ معطفاً للفراشاتِ والعصافير
ومنحتَ بودليرَ أزهارَ الفرح
تنهّد إذاً
وأنتَ تطعمُ المنديلَ دمعَكَ
شيّدْ لي بيتَ شعرٍ لأذّكّره
غزلاً عفيفاً بالعربية
وأنت تسلُكُ الممرِّ المجاورَ للصّدقِ
لا تطأ زهرَ البنفسجِ
تنحَّ لأذّكّرك
تأخّرَ الليلُ
أشعلْ وشائجَ أوردتي جمرَ غضاً
هيّئْ الموقدَ ضيقٌ وقتُ الحكايةِ
كان في كانون
في الإخضرارِ العهيدِ
في تالدِ العشقِ المستهامِ
منذ انتقيتكَ أحجيةً لآخرِ العمرِ
ونهضَ الرّكامُ من جانبِ السورِ مقيداً لرائحةِ الياسمين
مذ ألقمتُ قرشي لنافورةِ الأمنياتِ
ومضيتُ أبحثُ تحت ثلجلكَ عن وردةٍ ذابلة
لم أبالِ قضمَ الصّقيعِ لأمنياتي
ولا لازرقاق أحلاميَ الزّاهيات
كنتُ قنديلاً تأبطَّ رصيفَ هزائمكَ الطويلِ
وشوشاتِ خلخالٍ ورقصَ أساورٍ
تسامُر صمتَ الضبابِ وجوعَ الرّغامِ
قبلَ انهمارِ الخطواتِ المواتِ على العشبِ المثلّجِ
قبلَ انحرافِ النّوايا الى ابوابٍ أُخَرْ
خِلتك لي
تناورُ حرفي تبارزُ كلماتي
تأسرُ كلَّ أخيلةِ القصيدِ
باتتْ كل قوافيَّ
دبكَ دفوفِ القلبِ تحتَ يديكِ
و وودتَ لو أنّي بنفسجةٌ
سكبتْ روحَها للجفافِ
لستُ فيوليتَ يا ملكَ الثلجِ
روحيْ وردةٌ زرقاءُ
لا تزهرُ في حدائقِ قصرِكَ الجليديِّ
ها أنتَ ذا هديّةَ يانوسَ في العيدِ
تنسابُ في الخفوتِ
قبلَ أن يبلغَ الغيمُ سنَّ الهطولِ و قبلَ الهزيمِ
ماذا يخبئُ كانونُ في نيّتِهِ ؟
أنتَ الذي لا تُسمّى
أيشعلُ شمعةً في الكنيسةِ
أيربّتُ كتفَ مئذنةٍ ليحظى بالشفاعةِ
أنبيكَ كانونْ
لا رسائلَ يزفُّها إلينا النهرُ الراكضُ
لا صخرةً .. لا جزعَ نخلةٍ
تسندُ الروحَ
يحاصرُنا طيشُ الغمامِ
سخريةً أودتْ بأسنانِ العجوزِ
صفقتْ عاصفةُ المرارةِ كلَّ أبوابِ الخلاصِ
ذُبحَ هنينُ النُقُسِ، لَفَظنا النّخبُ، وانضوى الحفلُ
كنتُ قدْ تهيأتُ للقياهِ
وأعددتُ لاستقبالهِ فطائرَ الشمسِ والكستناءَ
لكنّ العيدَ هزَّ مناكبَهَ وغادرَ
تأخّرَ الليلُ
لأمسِكَ خيطَ الحكايةِ
كانَ في كانونَ
في حُلكةِ الحزنِ القُدسِ
في ليلةِ نجمٍ منحوسٍ
أنْ كانَ عيدُك وكنتَ العيدَ لي
جئتُكَ في حافلةِ الصّبا
أعلّقُ أحلامي على بابِ غيِّكَ
ربَّة العشقِ والشعرِ والأغنياتِ
فكيفَ ظفرَ بذاتي الرافضةِ وجعٌ قسريٌّ
عائداً من الموتِ
أنا المُتألّمُ دونَ شهودٍ
ألمْ يأنِ للطريقِ أن يشهدَ؟
معطفيَ الأسودَ؛
قبّعتي؛
والهاتفَ الثالثَ بعدَ العشرونْ
يهتفُ - منْ أوّلِ الجرحِ الى آخرِهِ -
قالَ: - وفي صوتِهِ حزنُ الربابة –
- كلَّ عامٍ وأنتِ الوجعُ
-كلَّ عامٍ وجرحَكَ خالدٌ منِّي إليَّ
كراتُ الحروفِ المتقاذَفةُ ما بيننا تعظمُ وتعظمُ
حديثُ الملحِ للثلجِ ونغرقُ في اللّاممكناتِ
أدركَ العتمُ بابي
لعلّيبعدَ كانونَ أفتحُ لقلبيَ ألفَ نافذةٍ للصباحِ
لعلّي أمزّقُ لافتاتِ الممنوعِ على حيّزِ الأمسِ
وأنسِجَ فضاءَ صيفيْ على مَهْلٍ
لعلّي في مواسمَ أخرى
في أزمنةٍ أخرى لا أصلُ إليها ولا تصلُ إليك
أتوسَّدُ في البردِ فروَ الحنينِ
لعلّي .. لعلّي ...
وأغلقَ العتمُ بابي