محمد العزيزي
.................
* مثّل قيام الجمهورية اليمنية يوم الـ22 من مايو 1990م انتصاراً لإرادة الشعب اليمني وتتويجا لنضالاته الباسلة التي لم تتوقف يوماً منذ بداية تشطير الوطن ,ومحاولة تكريس تقسيم اليمن ضمن مخطط يخدم مصالح القوى الاستعمارية وكانت عملية تشطير اليمن واحدة من أكبر بؤر الإفساد التي ظلت تنهك الشعب اليمني ولم تقتصر خطورته على نهب ثروات البلاد والاستيلاء على مقدراته ,بل حرصت قوى الاستعمار وأذنابه الذين نشاهدهم اليوم وهم يتاجرون بالوطن ومصالحه مقابل المال , فقد حرص هؤلاء على تعميق الفساد وتوسيعه وإشاعته في البلاد في إطار مخطط تآمري على شعبنا لإهلاك الحرث والنسل .
* ولذا نجد أن نضال شعبنا من أجل إعادة الوحدة بعد التحرر من الاستبداد والاستعمار كان نضالا شاقا وباهظ الأثمان في كل جبهة ..وأيضاً لا أحد يستطيع اليوم أن يزايد ببعض القضايا الجانبية ويتجاهل تلك النعرات الطائفية المناطقية والجهوية والمذهبية وحتى تلك الدعوات التشطيرية التي ما برحت الجمهورية اليمنية منذ تأسيسها في مايو 1990م وحتى اليوم وهي تسخر كل قدراتها وإمكانياتها لمواجهة تلك الدعوات التشطيرية .
* الجحود والنكران صفتان آدميتان ذميمتان يتصف بهما أصحاب النفوس المريضة التي تنكر النعم من حولها , وبعض الناس من مرضى النفوس ما يزال ينكر الوحدة ويتنكر لما تحقق خلالها من إنجازات عظيمة في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, ما من شخص في هذا الوجود إلا وله أمنية أو حلم يتمنى تحقيقه ويبذل جهده ووقته لذلك , والبعض الآخر ربما ليست لديه الوسائل والأشياء الممكنة لبذل الجهد المطلوب في تحقيق حلمه فيكتفي بتفريغ جزء من وقته للحلم فقط مطلقاً لمخيلته العنان في امتلاك وإيجاد كل الوسائل لتحقيق الأماني والأحلام.
كما أن بعض الأحلام يمكن تحقيقه وبعضها يحتاج إلى جهد وعمل وصبر لتحقيقه .. والبعض الآخر يظل أمنية للحلم فقط، بل ومن المستحيل تحقيقه.
الوحدة اليمنية لم تكن حلم شخص أو فئة أو قبيلة أو حزب معين , بل كانت حلم كل يمني يحب أن يرى اليمن واحداً موحداً شامخاً قوياً .. والوحدة لم تكن حلماً سهلاً بل كانت حلماً صعباً بذل من أجل تحقيقه الكثير من الوقت والجهد والغالي والنفيس من قبل كل الشرفاء من أبناء هذا الوطن المعطاء والعظيم.
ومن مشيئة الأقدار وحسن الحظ أن حلمنا الكبير سكن في مخيلة وعقل لا مجال فيهما للأحلام فقط , بل الانطلاق لأن تكون الأماني حقيقة وواقعاً معاشاً .. فجاءت الوحدة ساطعة ينعم بخيراتها كل أبناء الوطن برغم حقد الحاقدين وكيد الكائدين.
بالأمس كانت البراميل التشطيرية هي الحاكم والناهي والفاصل بين شطري الوطن جنوبه وشماله , أما اليوم فهناك براميل تشطيرية وتقسيمية تريد تقسيم الوطن إلى كانتونات صغيرة خدمة لقوى الاستعمار والاستعمار الحديث.
كان برميل التشطير قبل الوحدة بحدودها الوهمية يمنع المواطن من زيارة أهله إلا بتأشيرات ومعاملات وتخوين واتهامات بالتجسس لصالح نظام الشطرين .. أما اليوم وبعد 25 عاماً من تحقيق الوحدة فقد جاءت لنا براميل التقسيم محاولة تفتيت اليمن إلى ستة أقاليم يمنية وبطريقة شرعية وقانونية وممنهجة، بل ومدبرة إقليمياً ودولياً خدمة لطرف إقليمي اتضحت مآربه جلياً من خلال حضور 400 برميل في الرياض.
براميل التقسيم هؤلاء أكدوا مؤخراً أن هدفهم تشكيل جيش المقاومة لتحرير اليمن كما يدّعون , وشددوا أيضاً أو اتفقوا بمباركة إقليمية خليجية على قيام الدولة الاتحادية من ستة أقاليم يمنية، ما يعني أن التقسيم الهدف منه بدرجة أساسية اقتصادي، سياسي، احتلالي، اجتماعي، تفكيكي، إلى جانب إنقاذ الشقيقة السعودية ودول الخليج من مأزق مضيق جبل هرمز وحصار إيران على إخضاع الخليج .. وما كل هذه الحرب والدمار والتخريب ودك الجيش والبنى التحتية إلا خير دليل لاخضاع الشعب لرغبات براميل التقسيم , للحصول في نهاية المطاف على منفذ جديد للسعودية على البحر العربي وحماية اقتصادها من الحصار وعواقب أخرى ستتضح جلياً عما قريب.
وفي الأخير على كل اليمنيين أن يرتصُوا صفاً واحداً لحماية وطنهم ووحدتهم من مستعمري الوطن ومستعمري الخارج كما قالها الشاعر الكبير (البردوني) .. وكذا الانتباه لكل المخططات والتآمرات المغلفة والتي لا نستطيع اكتشافها لإحكام أدواتها وتمويلها بالمال الغزير والمدعومة من قبل دول الخليج.
إذا كان ذلكم الواقع التشطيري الجديد، الذي تحاول المؤامرة فرضه ولم تجد له واقعاً لتنفيذه، فهذا يؤكد دون أدنى شك أن الوحدة اليمنية نعمة وهبها الله لهذا الشعب ,وهي أيضاً تاج على رؤوس اليمنيين .. حفظ الله اليمن واحداً موحداً, والخزي والعار للخونة .. وكل عام والجميع بألف خير بهذه المناسبة الغالية.