عن كثب/متابعات...
لم يخطر ببال أيً من سكان مخيم "اليرموك" للّاجئين الفلسطينيين جنوبي دمشق، أن هناك من سيأتي ويسقط علم وطنهم "فلسطين"، ليحل مكانه علم تنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف باسم "داعش."
بحسب الأخبار الواردة من مخيم "اليرموك"، فقد سيطر "تنظيم
الدولة" على معظم المخيم، بعد اشتباكات عنيفة، تحالفت فيها "جبهة النصرة"
مع "داعش"، ضد "أكناف بيت المقدس" (حماس)، في قتالٍ يستمر منذ الأربعاء
الفائت.
فصل جديد في الصراع يضاعف مأساة، حوالي عشرين ألف نسمة، ممّن
بقوا من سكّان أحد أكبر المخيّمات الفلسطينية في العالم العربي، والذين
يعيشون حصاراً مفروضاً عليهم، يمتد لأكثر من عامين، إلى جانب انقطاع الماء
عنهم لنحو مائتي يوم، وحتى المساعدات الغذائية التي كانت تصلهم بصعوبة،
وبشكلٍ متقطع، وفقاً لتطورات الوضع الميداني، واستأنف توزيعها مطلع مارس/
آذار 2015، توقف توزيعها مؤخراً.
أيهم الأحمد، (27 عاماً) موسيقي فلسطيني، من سكّان مخيم "اليرموك"، وبقي فيه مع عائلته رغم الحصار، قال لـCNN بالعربية، إنّ الوضع في محيطه "يبدو هادئاً قليلاً" صباح السبت، مقارنةً باليومين الماضيين.
يكتفي أيهم بهذه الكلمات، دون إفصاحه عن المزيد حول تطورّات
الوضع الميداني، فهو يجيد لغة الموسيقى، أكثر من الحديث بشأن السياسة، أو
التطورات العسكرية، هكذا كان يستعد لإحياء حفلٍ موسيقي يقيمه بالمخيم،
ويبثه مباشرةً عبر "سكايب"، في اتصالٍ مع جمهور إحدى الجامعات الأمريكية،
بولاية "ميتشيغن"، مساء الجمعة الفائت، لتسليط الضوء على معاناة سكان مخيم
"اليرموك" وسط الحصار، لولا أنّ التطورّات الأخيرة فرضت عليه تأجيل الحفل.
أيهم الأحمد، درس في المعهد العربي للموسيقى بدمشق، وكلية
التربية الموسيقية بحمص، وحال الحصار دون تخرّجه، لكنّه لم يتوقّف عن إعلاء
صوت الموسيقى، بين أزّقة المخيّم، وشوارعه المهدمّة، مستعيناً بعربة خضار
حديدية، حمل عليها آلة البيانو، ليعزف للأطفال، محاولاً "زرع البسمة على
وجوههم، وتخفيف وطأة الحرب النفسية التي يعيشونها"، ألفّ الأغاني، وغنّاها
بصحبة فرقتين أسسهما رغم الظروف العصيبة، "براعم وشباب اليرموك"، "موسيقى
لتحييد المخيم ورجوع الأهالي، وعيشٍ كريم للفلسطيني في كل مكان من العالم"،
ويرفض أيهم استخدامها لـ"أغراض سياسية أو مادية، بل لخدمة من بقي من أهل
اليرموك المدنيين، وليس لدعم، أو مقاومة أحد."
وأصبحت أغانيه مثل "اشتقتلك خيّا"، و"يا شعبي الغالي"، وأغانٍ
أخرى تتحدث عن المعاناة مع "انقطاع الكهرباء، والماء، والجوع"، تحظى
بشعبيةٍ متزايدة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقوم بنشرها، من خلال
صفحته الخاصّة في "فيسبوك"، وموقع "يوتيوب"، ثم أتت فكرة الحفلات المباشرة
عبر "سكايب"، ونجح الأحمد بإقامةٍ عدد منها، وإيصال صوت المخيم إلى
بلغاريا، ألمانيا، الدانمارك، السويد، فرنسا، وأمريكا، وحتى غزّة... وكل ما
يرجوه "ألا يطول" تأجيل حفلاته كثيراً، بسبب تطورّات أحداث مخيم "اليرموك"
الأخيرة.