GuidePedia


... ليس لغزا ما حصل ويحصل في اليمن فقد كان واضحا تماما للمراقبين والمتابعين والخبراء السياسيين عربا كانوا ام اجانب ان اليمن ينجرف منذ عدة اشهر نحو هوة سحيقة وانه ومنذ 21 سبتمبر قد دخل منعطفا شديد التعقيد بفعل اشتعال وتيرة الخلافات بين الرئيس عبدربه منصور هادي وحركة انصار الله الحوثية وتذبذب علاقاتهما الملتبسة سيما بعد ان شعر الرئيس هادي ان طموحات الحوثيين باتت اكبر من مجرد السيطرة على العاصمة صنعاء وبعض مناطق الشمال والوسط وأنهم الذين يسعون الى اخضاع اليمن كله لسيطرتهم وزعزعة سلطاته وإخراجه من المشهد كليا لكن ما يعد في حكم المفاجئ حقا هو دخول المبعوث الاممي جمال بنعمر على خط من ادركوا اخيرا ان الصراع القائم بين الطرفين والذي ارتفعت سخونته بعد افلات الرئيس هادي من الحصار المفروض عليه من قبل الحوثيين في صنعاء وتراجعه عن استقالته وتمسكه بشرعيته كرئيس للبلاد عقب وصوله مدينة عدن كبرى مدن الجنوب حيث كان من الغريب جدا ان يلجأ وسيط الامم المتحدة وبعد فوات الاوان الى التحذير مما يجري في اليمن بل انه من اشار يوم الاحد الماضي في مداخلته امام مجلس الامن الدولي الى ان اليمن يندفع بسرعة متناهية الى مستنقع الحرب الاهلية وانه سيكون ضربا من الوهم ان يتصور احد من ان الحوثيين قد ينجحون في السيطرة على البلاد بأكملها كما ان من الخطأ ان يعتقد البعض ان هادي يستطيع حشد ما يكفي لاستعادة اليمن من هذه الجماعة وبالتالي فهو من توقع انزلاق البلاد في صراع طويل. بالتأكيد هناك ما هو غائب في هذه التصريحات الغريبة والتي تأتي في الوقت الذي تبدو فيه الصورة شديدة القتامه في اليمن اذ ما جدوى تلك التصريحات والتحذيرات التي اطلقها بنعمر بعد ان بلغ الصراع ذروته وانطلق الحوثيون جنوبا لتوسيع قاعدتهم الجغرافية وتساقطت الكثير من الحاميات والموانع التي كان الرئيس هادي يراهن عليها لمواجهة الزحف الحوثي الامر الذي لم يجد امامه غير اطلاق نداءات الاستغاثة ومطالبة مجلس الامن والمجتمع الاقليمي بالتدخل لوقف التوسع الحوثي بعد ان استوعب هادي ان الفأس قد وقع على الرأس وان المبعوث الاممي قد خذله ان لم يكن قد اوصله الى مثل هذه النكسة القاتلة عن طريق بعض الوعود الزائفة التي ظل يكيلها له ذلك المبعوث من ان المجتمع الدولي سيظل حاميا لشرعيته طالما ظلت الامم المتحدة هي الموجه لمسار الازمة اليمنية والفاعل في رسم سيناريوهاتها وهو ما اطمأن اليه هادي والذي ظل يتباهى في كل فعالياته وتصريحاته الاعلامية بوقوف العالم خلفه والى جانب شرعيته. ولعل الرئيس هادي قد اخطأ كثيرا حينما لم يتعظ من تجارب الذين سبقوه في اليمن وخارجها واخطأ ايضا حينما اسقط رغباته وأمانيه في البقاء على كرسي السلطة من دون ان يقدم شيئا للحفاظ على ذلك الكرسي حتى في اللحظة التي بدت فيها مستجدات الاحداث في اليمن تتدحرج ككرة ثلج هابطة بسرعة من فوق جبل مرتفع وربما يصبح من المثير انه الذي لم يستفز من كل النقد الذي تعرض له حيث ظل في حالة استرخاء رغم كل الحرائق التي تشتعل في البلاد وقد برز ذلك جليا بعد وصوله الى عدن فقد لمس كل من زاره في قصره ليقف على حقيقة ما يجري عن قرب ومن بين هؤلاء الامين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني ومجموعة سفراء دول مجلس التعاون الخليجي والدول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي ان الرجل لا يمتلك خبرة كافية او رؤية تساعده على ادارة بلد مثقل بالمشكلات كاليمن لذلك فهو الذي كان يراهن على عامل الوقت لإعادة ترميم الاوضاع والضغوط الدولية على جماعة الحوثي التي تنازعه الحكم التي كان مقتنعا بأن العالم يراها ليس اكثر من جماعة متمردة تحركها أجندات خارجية هدفها وضع اليمن في السلة الايرانية. ومع التقدم الذي احرزته جماعة انصار الله الحوثية وكذا زحفها الى عدن التي يتحصن فيها الرئيس هادي ماذا بقي اكثر من ذلك فقد خرج قطار التسوية السياسية عن سكته واصبح من الثابت انه الذي لن يصل الى المحطة التي ارادها هو او المبعوث الاممي جمال بنعمر الامر الذي يجعل من الاوضاع في اليمن مفتوحة على كل الاحتمالات لكن اخطر هذه الاحتمالات هو انزلاق هذا البلد الى حرب طائفية ومذهبية يكون طرفاها الحوثيون في مواجهة القاعدة وبالذات بعد ان تعهد زعيم جماعة انصار الله في خطابه الاخير الاحد الماضي باجتثاث كل العناصر المحسوبة على القاعدة وأخواتها التي قال انها من تتمدد في بعض المناطق الجنوبية والشرقية وهو ما يخشى معه من تداعيات هذه المواجهات والتي لن تكون سحابة صيف عابرة وانما سيكون لها انعكاسات مدمرة لا يمكن احصاء خسائرها خصوصا وان تنظيم القاعدة في اليمن يعد من اعنف فروع تنظيم القاعدة الدولي ناهيك عن انه الذي يقدم نفسه مدافعا عن مناطق السنه مقابل جماعة الحوثيين التي تصنف كجماعة احيائية زيديه فريبة من ايران وإذا ما انساق الصراع في هذا الاتجاه فان اليمن سيغرق في حتما حروب مفتوحة يصعب الخروج منها على المدى المنظور او القريب هذا ان لم يتفتت الى عدة اقاليم ومشاريع دول تأكل بعضها البعض. انفجار حالة الفوضى اليمنية لاشك وانه الذي يمثل اختبارا صعبا لدول الاقليم وقبلها القوى الكبرى وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الامريكية التي تعي تماما ان مثل هذا الانفجار سيكون له ما بعده بالنظر الى موقع اليمن الاستراتيجي المطل على باب المندب بوابة التجارة البحرية العالمية بين الجنوب والشمال مما يصح معه القول ان اختلال الامن في هذه المنطقة سيكون اصعب واخطر من التوافق حول استراتيجية مشتركة تعيد اليمن الى واقع الاستقرار رغم علمنا من ان مثل هذا التوافق هو من المسائل المؤجلة حتى تحسم شروط اللعبة بين طهران وواشنطن في المحادثات الجارية بشأن المفاعل النووي الايراني .

جريدة الشبيبة العمانية

Facebook Comments APPID

 
Top