الرئيس النكبة ...!
علي ناجي الرعوي
...ليس غريبا ولا مفاجئا في الوقت نفسه أن من عمل على إرباكنا وجعلنا نخطئ في ترتيب الأولويات ونخطئ في البديهيات وفشل في إدارة الدولة وعمل على تفكيكها حتى توارت هذه الدولة كمفهوم وككيان وكمؤسسات كما أجهز على كل المكونات من خلال العمل على انعاش كل الأمراض والنعرات والنوازع المقيتة بعد أن كنا قد دفناها وأخرجناها من تفكيرنا وقام بكسر إرادة هذا الشعب ليس سوى ذلك الرئيس الذي خرجنا في فبراير 2012م لانتخابه لوحده ودون منافس لقيادة المرحلة الانتقالية والسير بالبلاد قدما نحو الأمن والاستقرار والشراكة الوطنية والسلم الاجتماعي الذي يعزز من تماسك اللُحمة الداخلية وتماسك النسيج الاجتماعي لكنه كما يبدو لم يكن بمستوى هذه الثقة فقد اختزل كل اهتماماته في مسألة واحدة هي البقاء في السلطة والتشبث بكرسي الرئاسة وعلى النحو الذي سمح له بالانتقال من رئيس توافقي إلى رئيس دائم حتى وهو من لا يمتلك خبرة او كاريزما القائد التي تمكنه من حمل مفاتيح عهد جديد أو اتخاذ القرار الصحيح . هذا هو الرئيس (النكبة) عبدربه منصور هادي العائد عن استقالته والذي عمد أخيرا إلى مطالبة مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي بالتدخل عسكريا في اليمن من اجل الحفاظ على شرعيته التي تآكلت جراء أخطائه الكثيرة والمتعددة ليبدو في هذا التصرف جاهلا أو يعوزه الإدراك السياسي من أن أمرا كهذا ليس مبررا أخلاقيا أو وطنيا وبالذات وأن من ينازعه السلطة اليوم هي جماعة أنصار الله التي تكفل هو وليس غيره بإيصالها إلى صنعاء ومن ثم إلى عدن والتي ولولا إخفاقاته لما استطاعت تلك الجماعة أن تقطع كل هذه المسافات وأن تتحول إلى معادلة صعبة في المشهد السياسي وبالتالي فلا يحتاج اليمنيون الذين يعيشون الحدث والقرح معا ان يشرح بعضهم لبعض حقيقة أن يظهر هذا الرئيس (النكبة) من على شاشات التلفزيون بتلك الابتسامة الصفراء في أحد المطارات وهو في طريقه إلى شرم الشيخ لتمثيل اليمن في القمة العربية التي سيكون من أهم قراراتها مباركة (عاصفة الحزم) التي تشنها أكثر من 150 طائرة على ذلك البلد الذي يموت كمدا وحسرة بعد ان أصبح مضغة في أفواه كل ماضغ . لقد شعر اليمنيون في كل مكان بالعار لأن هادي كان رئيسا لأرض وصفها الله (بالطيبة) فيما هو الذي لا يعرف قيمتها ولا أقدارها ولا عظمة تاريخها ولا أصالة أبناء شعبها بل انه من جعل منها تكية له ولأبنائه وحاشيته بعد أن كال فيها كل التهم وحرض على شعبها كل أشقائه وأصدقائه في العالم . أشعر بالعار لأن هادي استطاع ان يخدع الجميع فقد فتح أبواب اليمن على مصراعيها للنفوذ الإيراني وحينما وجد الخليج يصرخ من تغلغل هذا النفوذ في خاصرته انقلب رأسا على عقب على اتفاقه مع الإيرانيين ليعود مطالبا هذا الخليج بل والعرب جميعا إلى حماية أمنهم القومي عن طريق التحرك عسكريا لتحرير اليمن مما اسماه بـ(القبضة الإيرانية) وها هو من يقهقه اليوم ابتهاجا بالضربات الجوية على وطنه تحت مبرر حماية الشرعية وضرب الانقلابيين الحوثيين دون فوائض من عقل ولا زاد من بصيرة ولا حس بالوطنية ولا إحساس من انه بهذا العمل يأخذ اليمن إلى حروب مفتوحة لا يعلم إلا الله أين ستنتهي وأين ستقف في آخر المطاف. أشعر بالعار لأن هادي استلب من شعب اليمن خصائص علاقاته الوثيقة بأشقائه في مجلس التعاون الخليجي مع انه لو تعلم كيف ينهزم بانتصار وشرف لعمل على إسقاط خصومه الحوثيين باستغلال أخطائهم كما فعلوا به حينما اسقطوا شرعيته بدفعه إلى اتخاذ تلك القرارات غير المدروسة والخاصة برفع أسعار المشتقات النفطية والتي كان هو وراءها وليست حكومة باسندوة ولكنه فضل أسوأ الاختيارات من اجل الانتقام من اليمن ومن الخليج معا وتناسى هادي أن دماء من سيسقطون في (عاصفة الحزم) هم من أوصلوه إلى كرسي السلطة . وإذا كان التفريط بسيادة اليمن تبدو وكأنها ردود فعل طبيعية في هذه المرحلة فإنها تبدو كذلك لأنها من طبيعة مرحلة كان فيها هادي رئيسا لليمن ولا يعيب الشعب اليمني ان يكون هذا الرئيس (النكبة) ضالعا في ردود الفعل هذه، فلقد برزت عبر التاريخ فئات تنازلت وساومت وفرطت بسيادة أوطانها ولم يكن هادي أولهم ولا آخرهم في التاريخ المعاصر ولكن الشعوب تعود فتطلب الثمن من كل هؤلاء مهما تأخر الزمن ولذلك فإنه انفع لهادي ومن دفعه إلى تحريض الخليج على أشقائهم في اليمن أن يقرأوا التاريخ في هذا الوقت بدلا من الانشغال بحماية شرعية وسلطة هادي وتسويق ما يجري اليوم على انه موجه لإيران وليس اليمن على اعتبار أن من يريد حماية سلطته كان عليه أن يحتمي بالشعب وليس بالطائرات الآتية من خارج الحدود . نعم يا (هادي) فكل اليمنيون يشعرون بالعار والعيب بعد حماقتك الأخيرة .. وليس المطلوب منك اعتذارا لهذا الشعب بل المطلوب اعتذار كل يمني انتخبك بعد أن خيبت ظنه .
يوميات الثورة