محمد العزيزي
................
* دأبت الولايات المتحدة الأمريكية منذ ظهور تنظيم (داعش) في الشرق الأوسط؛ على تقديم النصح والإيعاز إلى الدول العربية بضرورة اعتماد إستراتيجية الصبر في الحرب والتعامل مع التنظيمات الإرهابية؛ هذه النصائح انطلقت عندما أقدمت حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على شن حرب ضروس على تنظيم داعش دون مساعدة قوات التحالف الدولي؛ حين شعرت العراق أن تلك القوات و الضربات الجوية لم تحقق شيئاً على الأرض؛ مقارنة بتمدد داعش في محافظاتها وارتكب هذا التنظيم مجازر كبيرة في حق الإنسانية والإنسان العراقي؛ وتدمير مقدرات العراق و حضارته الإنسانية.
* ولأن الحكومة العراقية حققت انتصاراتٍ كبيرةً وحاسمةً، ظهرت أمريكا باستراتيجية الصبر في محاربة داعش ليس لشيء؛ ولكن حتى لا تتمكن العراق من القضاء على داعش وتصبح العراق في أمان من ناحية، وتنتهي حركة بيع السلاح للحكومة ولممولي داعش بالسلاح من جهة ثانية.. عندما شعرت أمريكا وشركات إنتاج السلاح أن هناك إمكانية في القضاء على داعش طالبت أمريكا بضرورة استخدام إستراتيجية الصبر وبدأت بمحاولة التسريع في بيع السلاح للعراق بالتوازي مع عودة هذا التنظيم للسيطرة على محافظات جديدة وإعادة السيطرة على محافظات تم تحريرها من سيطرة التنظيم؛ وكذا حصول داعش على أسلحة متطورة وفاعلة؛ والسؤال الذي يطرح نفسه من أين يحصل هذا التنظيم على هذا الكم الهائل من السلاح؟! ولماذا لا يتم حصار كل المنافذ و الطرق التي تمده بالسلاح والتمويل كما فعلت السعودية في حصارها وعدوانها على اليمن؟ بصراحة الإجابة تطول ولها العديد من الفرضيات لنصل إلى الإجابة التي لسنا هنا في صددها.
* الشأن اليمني يختلف تماما عند المقارنة بالشأن العراقي؛ إلا أن أمريكا والسعودية لم تستخدما استراتيجية الصبر في التعامل مع الأزمة السياسية اليمنية؛ بل كان عنصر المباغتة والحصار الجوي والبحري والبري وتدمير كل مقومات الدولة والبنية التحتية لها وللجيش اليمني؛ من أهم عناصر واستراتيجيات العدوان والحرب على اليمن؛ بالإضافة إلى سرعة بيع وإرسال وتسليم السلاح الفتاك والمحرم من واشنطن لمملكة آل سعود؛ وكذا تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي المطلوب وذلك ليتمكن العدوان السعودي من القضاء على اليمنيين والحكومة خلال تسعة أيام، وذلك ما كشفه مؤخرا عدد من المسؤولين والصحف الأمريكية بهذا الخصوص.
* نستنتج من هذا كله أن ما يدور من حروب في الدول العربية حاليا ومنذ 2011م هي حروب شركات إنتاج السلاح التي تعود ملكيتها لشركات المافيا والدول الكبرى مناصفة؛ ووقود هذه الحروب الشعوب العربية والممول من دول المنطقة وأنظمة الفتن والثراء؛ التي يبدو أنها شريك في رأس مال الشركات المنتجة للسلاح أو أنها مجبرة على لعب دور المسيخ الدجال في الوطن العربي وأول زبائن تلك الشركات؛ وهذا واضح بشكل جلي عندما نرى السعودية تقوم بشراء صفقات السلاح لبعض الدول والتنظيمات الإرهابية لتغذية الصراعات الدائرة اليوم في المنطقة العربية.
* الأرقام و الإحصائيات تكشف عن سيطرة أمريكية وروسية على سوق السلاح العالمي؛ فقد مثلت شركات السلاح في أمريكا 58% من إجمالي البيع العالمي؛ من بين 100 شركة كبرى تسيطر على سوق السلاح؛ وبحسب تقارير دولية فإن أمريكا تعد المصدر الأبرز للشرق الأوسط.. ما يؤكد ذلك الصراع الكبير بين دول أوروبا وأمريكا وروسيا حول تقاسم مبيعات السلاح لدول المنطقة العربية التي يوصف شعوبها بالشعوب المتناحرة والعنيفة والمتخلفة؛ مؤخراً فرنسا باعت صفقة سلاح طائرات لقطر قبل شهر والسعودية اشترت سلاحاً للجيش اللبناني من فرنسا وصفقة أخرى للجيش المصري من روسيا بأموال السعودية.. وفي ذات الإطار تتعهد مملكة آل سعود بشراء سلاح من روسيا بدلاً من السلاح الذي دمرته في حربها على اليمن مقابل غض طرف روسيا عن هذه الحرب؛ وامتناعها عن إمداد النظام السوري بالسلاح؛ وفي المقابل بيع أمريكا السلاح للعراق .. و... و... و...؟!
* وهكذا هو حالنا العرب.. نستنفد ثروة هائلة من النفط لأجل شراء السلاح وتغذية الصراعات فيما بيننا؛ فيما الغرب يرسمون لنا خطط الموت والدمار وأنظمتنا تنفذ تلك الخطط دون أخطاء و بالحذافير كما يقولون؛ نبيع لهم النفط بثمن بخس ليعمر الغرب أعظم حضارة حديثة ونحن نشتري الموت بأغلى الأثمان.. يطالبوننا باعتماد إستراتيجية الصبر على من يدمر حياتنا وحضارتنا ويقتلنا ويسرعون في بيع السلاح لنا ليقتل بعضنا البعض؛ لأن قيمته لديهم هناك في بنوكهم؛ ألا تتفقون معي؟ إنها معركة الغباء والذكاء؛ فسلاحهم لم يعد له رواج إلا في بلدان العرب المتصارعة؛ والنفط والأموال للغرب لتنعم شعوبهم بالأمن والثراء والنعيم؛ يا لنا من شعوب وأنظمة عربية متخلفة وغبية ومحل سخرية لكل شعوب العالم!!