GuidePedia




...
عشت شبابى مع أفلام فاتن حمامة، لا يمر أسبوع دون أن أشاهد لها فيلماً جديداً أكثر من مرة، فكنت وزملاء الصبا نرتحل وراء الفيلم من سينما دمياط إلى سينما اللبان وسينما فارسكور. ونعرف فى السينما نجوماً صنعوا مجدهم بعمل سينمائى ناجح أو عملين أو ثلاثة أعمال، أما فاتن حمامة فلا نعرف لها مجدا واحدا فقط! فهل كان دورها فى الأستاذة فاطمة أمام كمال الشناوى، أم دورها فى لا أنام أمام العملاق يحيى شاهين، أم دورها فى أفلام الحرام، أفواه وأرانب، الخيط الرفيع؟..
ويمكن أن نعدد لها أكثر من مائة عمل سينمائى تكفى لصناعة مائة نجمة، لكنها كانت فاتن حمامة السهل الممتنع.. ملكة البساطة فى الأداء، عشقتها الكاميرا منذ إطلالتها الأولى أمام الفنان العظيم محمد عبدالوهاب. وبالنسبة لى فإن من أحب أدوار فاتن حمامة عندى فيلم صراع فى الوادى، والسبب أنه تم تصويره وسط آثار الأقصر، واستطاع العالمى يوسف شاهين أن يدير صراع الخير والشر فى صالة الأعمدة الكبرى بمعبد الكرنك.. ووقفت النجمة المشهورة فاتن حمامة أمام الممثل الناشئ عمر الشريف فى بدايات مشواره الفنى، وبعد انتهاء تصوير آخر مشهد من الفيلم أخذا معاً الحنطور من أمام معبد الكرنك ليقلهما إلى فندق ونتر بالاس، وفى الطريق خطبها عمر الشريف ليتزوجا بعدها فى واحدة من قصص الحب الشهيرة داخل الوسط الفنى.
كان أملى أن ألتقى بفاتن حمامة وأن أراها فى الواقع، ولم يتحقق هذا الأمل سوى فى أواخر الثمانينيات وبالمصادفة حيث كنت مع صديقى عادل حمودة وبعض الأصدقاء نجلس فى مطعم بالساحل الشمالى وفوجئت بالفنانة إيمى معتوق تأتى لتقول لى إن الدكتور محمد عبدالوهاب والفنانة فاتن حمامة يريدان الجلوس معك!! لم أصدق ما أسمع، وتركت مجلس الأصدقاء على الفور وربما نسيت أن أستأذن منهم! وذهبت لأقابل سيدة الشاشة العربية وزوجها الطبيب المعروف محمد عبدالوهاب. وكانت كعادتها مبتسمة دائما تشعرك بأن الحياة بخير، كلها أمل وسعادة وأشياء جميلة لكنك أنت الذى لا تراها! ومنها عرفت أنها تعشق الآثار الفرعونية ويسحرها الهرم وأبوالهول ومعابد الأقصر والمسلات، وقالت لى إنها تتابع كل الأفلام الوثائقية التى اشتركت بها! كنت مزهواً بكلماتها وقلت لها أنت تضعين وسام أوسكار على صدرى بكلماتك، وابتسمت وأخذنا الحوار نحن الثلاثة لأكثر من ساعة نسيت فيها أمر أصدقائى.
وبعد هذا اللقاء تجددت لقاءاتنا فى المناسبات الاجتماعية والعامة، وفى إحدى المرات بُحت لها بسر لا يعرفه كثيرون وهو أن دور كمال الشناوى أمامها فى فيلم الأستاذة فاطمة هو الذى جعلنى أرغب فى أن أكون محامياً! وأن سبب تراجعى عن هذا الحلم هو قراءتى كتب القانون بعد أن التحقت بكلية الحقوق فى جامعة الإسكندرية! بعدها قررت أن أدرس الآثار.
جاءنى الخبر الحزين بوفاة سيدة الشاشة العربية وأنا فى البحرين عن طريق صديقى خالد صلاح، رئيس تحرير اليوم السابع، وفى اليوم التالى وجدت الحزن والأسى على كل الوجوه التى قابلتها، وقال لى أحد أصدقائى بالبحرين إنه حزن لوفاة زعيم الأمة العربية جمال عبدالناصر، وبكى عندما ماتت سيدة الغناء العربى، والآن يعتصر الحزن قلبه لوفاة سيدة الشاشة العربية وملكة قلوب العرب!.. نعم رحلت عنا فاتن حمامة وانتقلت إلى رحاب ربها، لكن ستظل أعمالها خالدة بيننا.. رحم الله فاتن حمامة، وألهم كل محبيها وأهلها الصبر والسلوان.

Facebook Comments APPID

 
Top