عبدالله علي صبري
.................
درج المسؤولون من عتاولة النظام السابق على تقديم اليمن للعالم، كدولة فقيرة بحاجة على الدوام إلى عون الأشقاء والجيران في دول الخليج الغنية بالنفط، وبالذات المملكة العربية السعودية.وبرغم أن الوحدة اليمنية كانت كفيلة بإخراج اليمن من حالة التبعية لدول الجوار، إلا أن فشل الفرقاء السياسيين في إدارة دولة الوحدة، ضاعف الأزمة اليمنية بمختلف تجلياتها، السياسية والاقتصادية تحديداً، ما جعل اليمن تقبع في دائرة الاستجداء والحاجة للخارج.في الخضم واصلت السعودية سياسة شراء الولاءات السياسية والقبلية باليمن, مع الإعلان بين الفينة والأخرى عن منح ومساعدات اقتصادية للشعب اليمني، لكن بالموازاة مع سياسات متشددة حيال العمالة اليمنية في كل دول الخليج، وفرض ما يشبه الحصار على اليمنيين الراغبين في زيارة الرياض أو دبي أو مسقط..إلخ، تحت ذرائع واهية لا تمت للعروبة ولحقوق الجوار بأي صلة.حتى المشاريع الاستثمارية التي يمكن أن تعود على بلدان الجزيرة والخليج بمصالح مشتركة، نجد أن السياسة الخليجية تعمدت تجاهل اليمن، واكتفت بالتعامل معنا كسوق كبيرة تستهلك صادرات هذه الدول، بما في ذلك الثقافة الدينية المتشددة التي رافقت عددا من المشاريع الخيرية الخليجية، والتي تلقفناها دون إدراك أبعادها المتعلقة باستهداف الهوية الثقافية الأصيلة لليمنيين (زيوداً وشوافع)!وإذ تضافرت سياسات الاستبداد والتبعية في الداخل، مع حالة التجويع والحصار الخليجي لليمن، فقد كانت النتيجة أن الجمهورية اليمنية غدت مجرد ملحق بمملكة آل سعود، التي ظل حكامها يديرون صنعاء من وراء ستار، ويكبحون أي نهوض باليمن، وصولاً إلى قمع ثورة 11 فبراير، والالتفاف عليها عبر المبادرة الخليجية التي اتضح في الأخير أنها عملت على تدوير الحكم في مربع قوى النفوذ التقليدية، التي انتجتها الرياض ورعتها منذ ستينيات القرن الماضي.جاءت ثورة 21 سبتمبر، فكانت صادمة لآل سعود قبل غيرهم، فقد كان جلياً أن اليمن باتت تتحضر لمرحلة فاصلة من تاريخها عنوانها الأبرز: التحرر من الوصاية والتبعية للخارج، والانفتاح المتوازن مع دول العالم، ونسج مصالح مشتركة ومتبادلة معها، وفقاً لأبجديات العلاقات الدولية المتكافئة، وبما يعود على اليمن بالنهوض الاقتصادي، الذي ما يزال حلماً مؤجلاً بفعل سياسات الداخل العقيمة، وتدخلات الرياض العميقة في الشأن اليمني.جن جنون الرياض، وهي ترى اليمن تسلك طريقاً مغايراً، فاتخذ حكامها من "فوبيا إيران" شماعة للتنكيل باليمن، وخلخلة أمنه واستقراره، عبر عدوان غير مسبوق على مستوى العلاقات العربية/العربية.اكتشف اليمنيون على مدى يوميات العدوان، كم كانت اليمن مهمة للرياض.. وكم كنا مخدوعين بصداقة أمراء النفط، الذين حشدوا العالم ضد ثورتنا ووحدتنا ومشروع نهضتنا، فلم يوفروا شجراً ولا حجراً إلا وانتقموا منه. ولم يغادروا قرية أو مدينة إلا وصبوا عليها جام حقدهم، وجرائمهم البشعة التي طالت النساء والأطفال والعجزة من الشيوخ والنازحين والمعاقين.أنفقوا المليارات التي دمرت اليمن، وزعموا أنهم على استعداد لإنفاق مثلها لإعادة أعمار ما جنته أياديهم الآثمة، شرط أن ترجع صنعاء إلى"الحظيرة".. ويبقى اليمني حاكماً أو محكوما مجرد متسول على أبواب أمراء نجد وأشباههم من أدعياء العروبة في إمارات الخليج ( الفارسي)!غير أن اليمنيين بصمودهم في وجه البغي السعودي، وتصديهم الأسطوري في مختلف الجبهات، يؤكدون على المضي قدماً نحو التحرر والانعتاق من الوصاية الخارجية مهما كان الثمن.وسيعلم آل سعود عما قريب أن خسارتهم في اليمن أفدح وأعظم بعد العدوان مقارنة بما كان عليه الحال قبل 26 مارس 2015م، وسيكتشفون- ولو بعد فوات الأوان- أن جريمتهم الكبرى في اليمن لم تمر دون عقاب أكبر.