فى 23 من إبريل الجاري، تنطلق الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وفيها يتنافس المرشح الوسطي إيمانويل ماكرون، مع مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، وهي المنافسة التي دخلت إسرائيل مؤخرا على خطها.
الأحد الماضي شهد إطلاق تصريحات من مارين لوبن، أغضبت دولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ نفت مسؤولية فرنسا، عن توقيف آلاف اليهود وترحيلهم إلى معسكرات الاعتقال النازية، خلال الحرب العالمية الثانية.
وقالت لوبن: "لا أعتقد أن فرنسا مسؤولة عن فيل ديف"، تقصد واقعة اعتقال 13 ألفا و152 يهوديا واحتجاز معظمهم فى مدرج لسباق الدراجات الشتوى أزيل في 1959، قبل إرسالهم إلى معسكرات الاعتقال النازية.
وأوضحت "أعتقد أنه بشكل عام إذا كان هناك أشخاص مسؤولين، فإنهم أولئك الذين كانوا فى السلطة فى تلك الفترة وليس فرنسا"، وهنا يتضح أن مرشحة اليمين المتطرف لم تقصد معاداة إسرائيل أو البحث عن الحق والعدل، قدر ما قصدت تحسين صورة دولتها، فقالت إن ذلك الأمر "زرع صورة سيئة لفرنسا فى الأذهان منذ سنوات". وتابعت "بسبب تلك الواقعة علّمنا أبناءنا أن لديهم كل الأسباب التي تسمح لهم بانتقاد بلادهم وبألا يروا إلا الجوانب التاريخية السيئة، وأنا أريدهم أن يصبحوا من جديد فخورين بأنهم فرنسيون".
تصريحات المرشحة الفرنسية تسببت في غضب الكيان الصهيوني، خاصة أن الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك اعترف بمسؤولية فرنسا عن ذلك الحادث، خلال تسعينيات القرن الماضي.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية فى بيان قبل يومين: "ندين التصريحات التى أدلت بها مارين لوبن حول عدم مسؤولية فرنسا عن ترحيل اليهود من أراضيها وقت المحرقة"، وأضافت "التصريحات تخالف الحقيقة التاريخية التى أقر بها الرؤساء الفرنسيون الذين اعترفوا بمسؤولية الدولة عن مصير اليهود الفرنسيين الذين ماتوا في المحرقة".
هكذا حرص الإسرائيليون على استخدام صيغة الجمع، فقالوا "الرؤساء الفرنسيون"، رغم أن شيراك هو الوحيد الذي اعترف بمسؤولية بلاده.
ويبدو أن إيمانويل ماكرون قرر استغلال التناقض الناشئ بين منافسته وإسرائيل، فأطلق اليوم تصريحا من شأنه أن يجلب إليه انحياز دولة الاحتلال وإعلامها ورجال أعمالها، فما كان منه إلا أن نفى أنه سيأخذ خطوة الاعتراف بدولة فلسطين، مثلما وعد الرئيس الحالي فرنسوا أولاند بأن باريس ستقبل على هذه الخطوة إذا ما استمرت إسرائيل فى المماطلة وعدم إنجاح المبادرة الفرنسية لحل الدولتين.
وأوضح "ماكرون" أن الاعتراف بدولة فلسطين بشكل أحادي من جانب فرنسا لن يخدم أحدا، بل على العكس ربما يخلق حالة من عدم الاستقرار، على حد وصفه، وأضاف محاولا إسباغ شيء من المنطق على تصريحاته: "إذا التزمت فرنسا بالاعتراف بفلسطين من جانب واحد، فإننا سنسهم في خلق خلل، وسنضعف قدرة فرنسا على لعب دور في استقرار المنطقة، وفي هذا الصراع".
هل يمكن بذلك أن نقول إن المرشحة خسرت تأييد إسرائيل، ومنافسها فاز به للأبد؟
ليس شرطا.. فقد تتغير الخريطة تماما الفترة المقبلة.