GuidePedia


بقلم الدكتور عبدالعزيز المقالح
-------------
كان يعجبني
كنت أوقفت شعري عليه
وأوقفت حبي عليه
أخاف عليه من الآخرين
ومني.
فتياتٌ كثيراتٌ اصطدن روحي
وحاولنَّ إغراءها بالجمال
لكي تتخلّى لهنّ
ولو عن قليلٍ من الحب
أو عن قليل من الشعر
لكنها رفضتْ
كل شيءٍ –كما قالت الروح-
قد صار مِلكاً لهُ
خالصاً خالصا.
* * *
كان يعجبني
لبراءتهِ
وتسامحهِ
للرجال الذين يحبونهُ
ويحبون تاريخهُ،
للزمان الذي كان فيه
رسولاً
يوزِّع حكمته اليمنية،
إيمانَهُ،
يتباهى بما أنجزته يداه
وما نقشت في جبين الخلود
من الفعل والكلمات.
وأحببت فيه الشتاء الحنون
وصيفاً يلامس أرواحنا
بعذوبة غيم الجبالْ .
* * *
كان يعجبني
قبل أن تتصدع جدرانه
قبل أن يتشظى
ويكتب لعنتهُ
بيديهِ
وأصبح "لاوطناً"
تتنازعه الانتماءات
والانكسارات
أبناؤه لم يعودوا –كما ظن-
أبناءَه،
ولكنني لن أحب سواه
ولن تقبل الروح عنه بديلاً
ولو كان نجماً
على ذروةٍ من سماء
السماء.
* * *
ربما كنتُ أسرفتُ
في ذمهِ
مثلما كنت أسرفت
في مدحهِ
بَيد أني في الحالتين
عطوفٌ عليه
ولا تعتريني الشكوك
بأن سوف يغفر لي
يمسح البقع السود
عن قلبي المتورم
بالحزن والخوف
عن كلماتي التي خرجتْ
-وهو يدري بها-
من تراب الوطن.
* * *
كثيرون في هذه الأرض،
(أحسبني واحداً من تلاميذهم)
لا يخافون مما جرى
ويقولون:
لا تيأسوا،
تحت جلد البلاد
بلادٌ ،
وتحت الجبال التي زعموا
أنها انهزمت
طرقٌ وجبالٌ.
وخلف الظلام
الذي تتكاثف أشباحهُ
تتآلق شمسٌ
ويهطل منها نهارٌ جديدْ .
* * *
كان يعجبني
وهو مازال يعجبني
بيد أن بنيهِ
وكانوا جميلين
مثل شواطئهِ
رائعين كأشجاره
وأغانيه
خانوا مودتهُ
أكلوا دمه فوق مائدة الحرب
باعوا مفاتيحه
آه
ما عاد يعجبني
بعد أن صار ميدان حربٍ لأبنائهِ
وبأبنائهِ،
والذين ارتضوا بعد ما كان
ألاَّ يكون.
* * *
آه
ماذا تبقى به وعليه
ليعجبني
يُعجِب الشمسَ والبحرَ
يعجب نجماً على الأفق
يُدعى سهيل اليمانيّ.
معذرة:
صار لاشيء
جوهرةً تتفحّم
أسطورةً تتكسر
ذاكرةً تتلاشى
وإسماً سيأتي عليه المساء
وتمحوه في صلفٍ
سطوةُ الآخرين.

Facebook Comments APPID

 
Top